٢٠٧٧- (٢٢) وعن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر! إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاثة عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة)) رواه الترمذي، والنسائي.
ــ
وإلا فهو غني عن العرض لأنه أعلم بعبادة من الملائكة (فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) أي طلباً لزيادة رفع الدرجات. قال في اللمعات: لعله إنما اختار الصوم لفضله، ولأنه لا يدري في أية ساعة تعرض، والصوم يستوعب النهار، ولأنه يجتمع مع الأعمال الأخر بخلاف ماعداه من الأعمال-انتهى. قال ابن الملك: وهذا لا ينافي قوله عليه السلام يرفع عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل للفرق بين الرفع والعرض، لأن الأعمال تجمع في الأسبوع، وتعرض في هذين اليومين. وفي حديث مسلم تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل مؤمن إلا عبداً بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا. قال ابن حجر: ولا ينافي هذا رفعها في شعبان فقال إنه شهر ترفع فيه الأعمال، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام مجملة، كذا في المرقاة. قلت: حديث رفع الأعمال في شعبان، أخرجه النسائي من حديث أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله! لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم (رواه الترمذي) وحسنه، وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه، وأخرجه أيضاً أحمد والدارمي ولابن ماجه معناه كما تقدم.
٢٠٧٧- قوله:(إذا صمت) أي أردت الصوم (من الشهر ثلاثة أيام) هذا الفظ الترمذي، وللنسائي إذا صمت شيئاً من الشهر (فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) هي أيام الليالي البيض، ففي رواية للنسائي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. وفيه دليل على استحباب صوم أيام البيض وهي الثلاثة المعينة في الحديث. وقد وقع الاتفاق بين العلماء على أنه يستحب أن تكون الثلاث المذكورة في وسط الشهر، كما حكاه النووي: واختلفوا في تعيينها، فذهب الجمهور إلى أنها ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر. وقيل هي الثاني عشر. والثالث عشر. والرابع عشر. وحديث أبي ذر هذا وما في معناه يرد ذلك قيل: الحكمة في صوم أيام الليالي البيض أي المقمرة إنه لما عم النور لياليها ناسب أن تعم العبادة نهارها. وقيل الحكمة في ذلك إن الكسوف يكون فيها غالباً، ولا يكون في غيرها وقد أمرنا بالتقرب إلى الله تعالى، بأعمال البر عند الكسوف (رواه الترمذي) وحسنه (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد وابن حبان وصححه والبيهقي (ج٤:ص٢٩٤) وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد والنسائي وابن حبان،