وفي رواية لأحمد (ج٦ص٤٢٤) ثم قالت (أي بعد شربها فضله صلى الله عليه وسلم) يا رسول الله لقد فعلت شيئاً ما أدري يوافقك أم لا، قال وما ذاك يا أم هانىء قالت: كنت صائمة فكرهت أن أرد فضلك فشربته (أكنت تقضين) أي بهذا الصوم (شيئاً) أي من الواجبات عليك (فلا يضرك) أي الإفطار، وفي رواية لأحمد فلا بأس عليك (إن كان) أي صومك (تطوعاً) وهو للتأكيد لأن المتطوع له أن يفطر ولو بلا عذر. قال الخطابي: في هذا بيان أن القضاء غير واجب إذا أفطر في تطوع، يعني لأنه لم يذكر فيه القضاء، والأصل عدمه، ولو كان القضاء واجباً لبينه لها مع حاجتها على البيان كذا قيل. وقد تقدم أنه وقع في رواية أحمد والنسائي والدارقطني والدارمي والطحاوي والبيهقي التصريح منه - صلى الله عليه وسلم - بالتخيير في القضاء في صوم التطوع. قال الترمذي بعد رواية حديث الباب: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه، إلا أن يحب أن يقضيه، وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي-انتهى. قلت: وهو مذهب مجاهد وطاؤس وهو قول ابن عباس، وروى عن سلمان وأبي الدرداء وغيرهم (رواه أبوداود والترمذي والدارمي) أخرجه أبوداود والدارمي من طريق من جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث عن أم هانىء، ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (ج٤ص٢٧٧) وأخرجه الترمذي من طريق أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن أم هانىء، والحديث أخرجه أيضاً أحمد (ج٦ص٣٤٢- ٣٤٣- ٤٢٤) والنسائي في الكبرى والدارقطني (ص٢٣٥) والطحاوي (ج١ص٣٥٣- ٣٥٤) والبيهقي (ج٤ص٢٧٦، ٢٧٨، ٢٧٩) والطبراني وسعيد بن منصور والأثرم وللحديث طرق وألفاظ عندهم. وقد سكت عنه أبوداود. وقال المنذري: في إسناده مقال، ولا يثبت، وفي إسناده اختلاف كثير أشار إليه النسائي. وقال الترمذي: في إسناده مقال-انتهى. وحاصل ما ذكروه من الاضطراب في إسناده إنه اختلف على سماك بن حرب فيه، فإنه رواه تارة عن أبي صالح، وتارة عن جعدة، وتارة عن هارون. أما أبوصالح فهو باذان، ويقال باذام، ضعفوه. قال البيهقي: ضعيف لا يحتج بخبره، وفي السنن الكبرى للنسائي هو ضعيف الحديث وقال أبوأحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال الحافظ في التقريب: ضعيف مدلس. قلت: قد وثقه العجلي. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين ليس به بأس. وقال ابن المديني. عن القطان: لم أر أحداً من أصحابنا تركه وما سمعنا أحداً من الناس يقول فيه شيئاً،