فقالت:((يا رسول الله! أما إني كنت صائمة فقال: الصائم المتطوع أمير على نفسه. إن شاء صام، وإن شاء أفطر)) .
٢١٠٠- (٦) وعن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت:((كنت أنا وحفصة صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه، فأكلنا منه، فقالت حفصة: يا رسول الله! إنا كنا صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه، فأكلنا منه. قال: أقضيا يوماً آخر مكانه)) . رواه الترمذي. وذكر جماعة من الحفاظ رووا عن الزهري عن عائشة مرسلاً، ولم يذكروا فيه عن عروة، وهذا أصح.
ــ
أي أمير لنفسه بعد دخوله في الصوم، وهذا لفظ أحمد (ج٦ص٣٤١، ٣٤٣) وكذا وقع في رواية للبيهقي ولفظ الترمذي أمين نفسه بالنون بدلاً من الراء. قال في المجمع: معناه إنه إذا كان أمين نفسه فله أن يتصرف في أمانة نفسه على ما يشاء، وفي رواية للترمذي أمبير أو أمين نفسه بالشك، وكذا وقع عند الدارقطني (ص٢٣٥) والبيهقي (ج٤ص٢٧٦) وفي رواية لأحمد (ج٦ص٤٢٤) والدارقطني والبيهقي المتطوع بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر (إن شاء صام) أي أتم صومه (وإن شاء أفطر) إما بعذر، أو بغيره ويفهم منه أن الصائم غير المتطوع لا تخيير له لأنه مأمور مجبور عليه، وهذه الرواية أخرجها أحمد والترمذي وكذا الدارقطني والبيهقي من طريق شعبة عن جعدة عن أم هانىء وأخرجها أيضاً الدارقطني والبيهقي من طريق سماك عن أبي صالح عن أم هانىء.
٢١٠٠- قوله:(كنت أنا وحفصة) بالرفع (صائمتين) أي متطوعتين كما في رواية الموطأ والبيهقي وابن حبان (فعرض لنا طعام) بصيغة المجهول أي عرضه لنا أحد بطريق الهدية وفي رواة الموطأ والبيهقي فاهدي لنا طعام (أقضيا يوماً آخر مكانه) أي بدله، وفي رواية أبي داود لا عليكما صوماً مكانه يوماً آخر، وقد استدل به على أن من أفطر في التطوع يلزمه القضاء مكانه، لكن الحديث ضعيف كما ستعرف، وعلى تقدير الصحة فيحمل الأمر بالقضاء على الندب للجمع بينه وبين حديث أم هانىء. قال الخطابي في المعالم (ج٢ص١٣) لو ثبت الحديث أشبه أن يكون إنما أمرهما بذلك استحباباً لأن بدل الشيء في أكثر أحكام الأصول يحل محل أصله وهو في الأصل مخير فكذلك في البدل-انتهى. (رواه الترمذي) وكذا أحمد والنسائي والبيهقي (ج٤ص٢٨٠) كلهم من رواية جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة متصلاً (وذكر) أي الترمذي (جماعة من الحفاظ) أنهم (رووا عن الزهري عن عائشة مرسلاً) أي منقطعاً لأن الزهري لم يدركها فالمرسل في قول الترمذي هذا بمعنى المنقطع وهذه الرواية المنقطعة عند عبد الرزاق في مصنفه، ومالك في موطأه، والطحاوي والبيهقي وغيرهم.