رواه أبوداود، وقال: رواه سفيان وشعبة، عن أبي إسحاق موقوفاً على ابن عمر.
ــ
قال القاري: وكان حقه أن يصور المسألة بقوله في رمضان فقط أو يزيد بعد قوله أو أقل قوله أو أكثر، ثم هذا التفريع مسألة خلافية في المذهب كما تقدم تحقيقه (في أول الباب) وليس أصل الحديث نصاً في المقصود للاحتمالات المتقدمة. وللاختلاف في رفع الحديث ووقفه. قال الطيبي: الحديث يحتمل وجهين. أحدهما أنها واقعة في كل رمضان من الأعوام فتختص به، فلا تتعدى إلى سائر الشهور. وثانيهما: أنها واقعة في كل أيام رمضان فلا تختص بالبعض الذي هو العشر الأخير، لأن البعض في مقابلة الكل فلا ينافي وقوعها في سائر الأشهر اللهم إلا أن يختص بدليل خارجي، ويتفرع على الوجه الثاني ما إذا علق الطلاق بدخول ليلة القدر في الليلة الثانية من شهر رمضان، فما دونها إلى السلخ فلا يقع الطلاق إلا في السنة القابلة في ذلك الوقت الذي علق الطلاق فيه، بخلاف غرة الليلة الأولى، فإن الطلاق يقع في السلخ كذا في المرقاة. قلت: استدل بهذا الحديث لما روى عن أبي حنيفة من أن ليلة القدر ممكنة في جميع ليالي رمضان، لكن الحديث ليس بنص في ذلك كما قال القاري مع أنه اختلف في رفعه ووقفه، ولو كان الموقوف مروياً بهذا اللفظ لم يكن نصاً أيضاً، والراجح عندي: هو الوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما الطيبي في معنى الحديث لكثرة الأحاديث الصحيحة الصريحة في كونها مختصة بالعشر الأواخر من رمضان، وتأويل ابن الهمام لهذه الأحاديث بأن المراد في ذلك رمضان الذي كان عليه الصلاة والسلام التمسها فيه بعيد جداً، بل هو باطل، لأنه لا دليل على ذلك. وليس في سياقاتها ما يدل على ذلك. كما لا يخفى على من تأمل طرقها وألفاظها، ولم أر حديثاً مرفوعاً صحيحاً أو ضعيفاً صريحاً في ما روى عن أبي حنيفة من إمكانها في جميع ليالي رمضان، ولا فيما هو المشهور عنه من امكانها في جميع السنة (رواه أبوداود) أي مرفوعاً وكذا البيهقي (ج٤ص٣٠٧) كلاهما من طريق موسى بن عقبة عن أبي إسحاق الهمداني عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر (وقال) أي أبوداود وكذا البيهقي (رواه سفيان) أي ابن عيينة أو الثوري (وشعبة) أي ابن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبوبسطام الواسطي ثم البصري ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابداً مات سنة (١٦٠)(عن أبي إسحاق) اسمه عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي، والسبيع بفتح المهملة وكسر الموحدة همدان، ولد لسنتين بقيتاً من خلافة عثمان مكثر ثقة عابد من أوساط التابعين اختلط بآخره. وقال ابن حبان: كان مدلساً، وكذا كره في المدلسين حسين الكرابسي، وأبوجعفر الطبري والجوزجاني مات سنة (١٢٩) وقيل: قبل ذلك قال المصنف: رأى علياً وابن عباس وغيرهما من الصحابة،