للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: ربنا جزاءه أن يوفى أجره. قال: ملائكتي! عبيدي وإمائي قضوا فريضتي عليهم، ثم خرجوا يعجون إلى الدعاء، وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني لأجيبنهم. فيقول: ارجعوا قد غفرت لكم، وبدلت سيئاتكم حسنات. قال: فيرجعون مغفوراً لهم)) . رواه البيهقي في شعب الإيمان.

ــ

وقيام الليل وإحياءه بالذكر وغيره من العبادات، وهي غبطة الملائكة، ثم الأظهر إن هذه المباهاة مع الملائكة الذين طعنوا في بني آدم فيكون بياناً لإظهار قدرته إحاطة علمه قاله القاري (يا ملائكتي) إضافة تشريف (وفي) بالتشديد وتخفف (ربنا) بالنصب على النداء (جزاءه أن يوفى) بصيغة المجهول مشدداً ومخففاً (أجره) أي أجر عمله بالنصب، وقيل بالرفع قال ملائكتي) بحذف حرف النداء (عبيدي وإمائي) بكسر الهمزة جمع أمة، بمعنى الجارية (قضوا) أي أدوا (فريضتي) أي المختصة المخصومة بي، وهي الصوم الشاق (عليهم ثم خرجوا) من بيوتهم إلى مصلى عيدهم (يعجون) يضم العين وتكسر وبالجيم المشددة من عَجّ يَعُجِّ عَجّا وعجيِجا، صاح ورفع صوته (إلى الدعاء) أي يرفعون أصواتهم بالذكر والثناء متوجهين أو منتهين إلى الدعاء بالمغفرة لذنوبهم. وقيل: أي يرفعون أصواتهم وأيديهم إلى الدعاء (وعزتي) ذاتا (وجلالي) صفة (وكرمي) فعلاً (وعلوي) في الجميع (وراتفاع مكاني) أي مكانتي ومرتبتي من قدرتي وإرادتي عن شوائب النقصان، وحوادث الزمان والمكان فهو تسبيح بعد تحميد وتقديس بعد تمجيد قاله القاري، وقال الطيبي: إرتفاع المكان كناية عن عظمة شأنه وعلو سلطانه وإلا فالله تعالى منزه عن المكان وما ينسب إليه من العلو والسفل-انتهى. قلت: قد اتفق أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى مستو على عرشه وعرشه فوق السماوات السبع، والاستواء هو الارتفاع والعلو فالله تعالى عال على عرشه بائن من خلقه وعلمه وقدرته في كل مكان، وكيفية استواءه مجهولة، ليس كمثله شيء وارجع إلى كتاب العلو للذهبي وكتاب الأسماء والصفات للبيهقي وإلى ما كتب في مسألة الاستواء على العرش شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية (لأجيبنهم) أي لأقبلن دعوتهم (فيقول) أي الله تعالى حينئذٍ (ارجعوا) أي من مصلاكم إلى مساكنكم (قد غفرت لكم) أي التقصيرات (وبدلت سيآتكم حسنات) بأن يكتب بدل كل سيئة حسنة في صحائف الأعمال فضلاً من الله الملك المتعال، وهو يحتمل أن يعم الصائمين، ويحتمل أن يكون الغفران للعاصين والتبديل للمطيعين التائبين، وهو أظهر لقوله تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيآتهم حسنات} [الفرقان: ٧٠] (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (فيرجعون) أي جميعهم حال كونهم (مغفوراً لهم رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه ابن حبان في الضعفاء مطولاً، وفيه أصرم بن حوشب قاضي همدان. قال يحي: كذاب خبيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>