للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٢٦- (١٠) وعنها، قالت: ((السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة،

ــ

أسأل عنه إلا وأنا مارة- انتهى. وأعلم أن الحديث رواه أبوداود عن شيخين أحدهما عبد الله بن محمد النفيلي ولفظه قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه. والثاني محمد ابن عيسى وقال هو في روايته قالت: إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعود المريض وهو معتكف، هكذا بين أبوداود لفظهما والبغوي ذكر في المصابيح لفظ ابن عيسى، وهكذا فعل الخطابي في المعالم وتبعهما المصنف. وأعلم أيضاً أنه وقع في بعض النسخ من المشكاة لفظ ابن ماجه بعد قوله أبوداود وهو خطأ من النسخ، فإن النسخ الصحيحة خالية عن ذلك ولم يعزه الحافظ في التلخيص والمجد بن تيمية في المنتقى والمنذري في مختصر السنن والجزري في جامع الأصول إلى غير أبي داود.

٢١٢٦- قوله: (السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً) أي بالقصد والوقوف. قال الخطابي: (ج٢ص١٤١) قولها السنة إن كانت أرادت بذلك إضافة هذه الأمور إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً أو فعلاً فهي نصوص لا يجوز خلافها وإن كانت أرادت به الفتيا على معاني ما عقلت من السنة فقد خالفها بعض الصحابة في بعض هذه الأمور، والصحابة إذا اختلفوا في مسألة كان سبيلها النظر على أن أبا داود قد ذكر على أثر هذا الحديث إن غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه أنها قالت السنة، فدل ذلك على احتمال أن يكون ما قالته فتوى منها، وليس برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويشبه أن يكون أرادت بقولها لا يعود مريضاً أي لا يخرج من معتكفه قاصداً عيادته، وأنه لا يضيق عليه أن يمر به فيسأله غير معرج عليه كما ذكرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق- انتهى. قلت: القاعدة المقررة عند المحدثين تأبى الاحتمال الثاني، لأن مذهبهم إن قول الصحابي السنة كذا في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن الظاهر أنه أراد بذلك سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا سنة غيره، وعلى هذا فحديث عائشة هذا مرفوع حكماً. قال ابن التركماني: مذهب المحدثين عن الصحابي إذا قال السنة كذا فهو مرفوع، والسنة، السيرة والطريقة، وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة المصطلح عليها، ومثله حديث سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب، ولم تكن السنة المصطلح عليها معروفة في ذلك الوقت، وذكر سنة الصوم للمعتكف مع ترك المس، والخروج دليل على أن المراد الوجوب لا السنة المصطلح عليها- انتهى. (ولا يشهد جنازة) أي خارج مسجده. فيه دليل على أنه لا يخرج المعتكف لعيادة المريض وشهود الجنازة، وفيه خلاف بين العلماء قال الخرقي: ولا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة إلا أن يشترط ذلك. قال ابن قدامة: (ج٣ص١٩٥) الكلام في هذه المسألة في فصلين أحدهما، في الخروج لعيادة المريض وشهود الجنازة مع عدم الاشتراط، واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك فروى عنه ليس له فعله، وهو قول عروة وعطاء ومجاهد والزهري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي

<<  <  ج: ص:  >  >>