وتيسير ما أقصده وأن ينفعني في الحياة وبعد الممات وجميع المسلمين والمسلمات، حسبي الله، ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
ــ
تقوياً بخلاف المكان الواسع، والأحاديث إذا كانت غفلاً عن سمة الرواة انتشرت، وإذا قيدت بالراوي انضبطت واستقرت في مكانها - انتهى. وقال الشيخ الدهلوي في اللمعات: قد عرفت أن المشكاة هي الكوة الغير نافذة في الجدار التي توضع فيها المصابيح، فوجه التسمية أنه كما يوضع المصباح في الكوة كذلك وضع كتاب المصابيح في كتاب المشكاة؛ لأنه يشتمل عليه اشتمال المشكاة على المصباح، أو لأن الأحاديث التي ذكرت في هذا الكتاب كل منها كالمصباح، فهذا الكتاب كالكوة التي وضع فيها المصابيح المتعددة - انتهى. وقد علمت مما تقدم أن المشكاة تكملة للمصابيح، وتذييل لأبوابه، جمعه مؤلفه بإشارة شيخه الحسين بن عبد الله بن محمد الطيبي المتوفى سنة ٧٤٣هـ، وفرغ من تأليفه آخر يوم الجمعة من رمضان عند رؤية هلال شوال سنة ٧٣٧. وله أيضاً أسماء رجال المشكاة فرغ من تصنيفه يوم الجمعة عشرين رجب سنة ٧٤٠هـ، جمعه بمعاونة شيخه العلامة الطيبي، وقد عرض الكتابين عليه فاستحسنهما واستجادهما.
وللمشكاة شروح عديدة: فأول من شرحها هو شيخه الطيبي، سماه "الكاشف عن حقائق السنن"، وشرحه أنفس الشروح وأحسنها. قال في مقدمة شرحه: كنت قبل قد استشرت الأخ في الدين المساهم في اليقين بقية الأولياء قطب الصلحاء شرف الزهاد والعباد في الدين محمد بن عبد الله الخطيب بجمع أصل من الأحاديث المصطفوية، فاتفق رأينا على تكملة المصابيح وتهذيبه وتشذيبه وتعيين روايته ونسبة الأحاديث إلى الأئمة المتقنين، فما قصر فيما أشرت إليه من جمعه، فبذل وسعه واستفرغ طاقته فيما رمت منه، فلما فرغ من إتمامه شمرت عن ساق الجد في شرح معضله وحل مشكله وتلخيص عويصه وإبراز نكاته ولطائفه على ما يستدعيه غرائب اللغة والنحو ويقتضيه علم المعاني والبيان، بعد تتبع الكتب المنسوبة إلى الأئمة، معلماً لكل مصنف بعلامة مختصة به، فعلامة معالم السنن وأعلامها (خط) وشرح السنة (حس) وشرح صحيح مسلم (مح) والفائق للزمخشري (فا) ومفردات راغب (غب) ونهاية الجزري (نه) والشيخ التوربشتي (تو) والقاضي ناصر الدين البيضاوي (قض) والمظهر (مظ) والأشرف (شف) وما لا ترى عليه علامة فأكثرها من نتائج خاطري، فإن ترى فيه خللاً فسدده - جزاك الله خيراً -، فإن نظرت بعين الإنصاف لم تر مصنفاً أجمع ولا أوجز منه ولا أشد تحقيقاً في بيان حقائق السنة ودقائقها، وسميته "بالكاشف عن حقائق السنن"- انتهى.
وشرحه علم الدين السخاوي المتوفى سنة ٦٤٣هـ، وعبد العزيز الأبهري المتوفى في حدود سنة ٨٩٥هـ، وسماه "منهاج المشكاة"، وهو تاريخ تأليفه. وشرحه أحمد بن الحجر المكي الهيثمي بالفوقية صاحب الزواجر والصواعق وغيرهما المتوفى سنة ٩٧٥هـ، قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في زاد المتقين في ترجمته: وشرح دارد بر شمائل ترمذي وبر أربعين نووي وبر مشكاة نيز نوشته كه دروي داد فقاهت داده - انتهى. وعلى المشكاة حاشية لعلي بن محمد بن علي المعروف بالسيد الشريف، والسيد السند الجرجاني وهي مختصرة من شرح الطيبي مع بعض زيادات قليلة. وحاشية