للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) رواه أحمد والترمذي، وأبوداود، وابن ماجه، والدارمي. وسماه الترمذي قيس بن كثير.

٢١٤- (١٧) وعن أبي أمامة الباهلي قال: ((ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان: أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

ــ

(وإن فضل العالم) والمراد به من غلب عليه الاشتغال بالعلم على عبادته النافلة. (على العابد) المراد به من غلب عبادته على الاشتغال بالعلم. (كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) شبه العابد بالكواكب؛ لأن كمال العبادة ونورها لا يتعدى منه على غيره. وشبه العالم بالقمر الذى يتعدى نوره ويستضيء به وجه الأرض؛ لأن كمال العلم ونوره يتعدى إلى غيره فيستضيء بنوره المتلقى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو شمس العلم والدين، وإنما قيده بليلة البدر لكمال إضاءة القمر فيها وانمحاء الكواكب في شعاعها. (ورثة الأنبياء) لم يقل ورثة الرسل ليشمل الكل. (وإن الأنبياء لم يورثوا) بالتشديد (ديناراً ولا درهماً) أي شيئاً من الدنيا. وخصا لأنهما أغلب أنواعها. والمراد أنهم ما ورثوا أولادهم وأزواجهم شيئاً من ذلك، بل بقي بعدهم إن بقي شيء معداً لنوائب المسلمين. (وإنما ورثوا) من التوريث (فمن أخذه) أي العلم (أخذ بحظ وافر) أي أخذ حظاً وافراً يعني نصيباً تاماً. والباء زائدة للتأكيد. (رواه أحمد) (ج٥:ص١٩٦) (والترمذي وأبوداود) في العلم (وابن ماجه) في السنة (والدارمي) في العلم. (وسماه) أي سمى الراوي عن أبي الدرداء (الترمذي) في روايته، وكذا أحمد في طريق له (قيس بن كثير) وهو وهم من أحد الرواة، والصحيح كثير بن قيس. قال المنذري في الترغيب: وقد اختلف في هذا الحديث اختلافاً كثيراً ذكرت بعضه في مختصر السنن وبسطته في غيره- انتهى، فمن شاء الوقوف على ذلك فليرجع إلى مختصر السنن. وسند الترمذي منقطع بين عاصم بن رجاء وقيس بن كثير لعدم ذكر واسطة داود بن جميل بينهما. ورواه أبوداود، وابن ماجه، والدارمي، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في الشعب، وكذا أحمد في طريق له متصلاً بذكر الواسطة، وهذا أرجح.

٢١٤- قوله: (وعن أبي أمامة) بضم الهمزة (الباهلي) نسبة إلى باهلة بكسر الهاء، قوم، وأبو أمامة كان سيدهم. (ذكر) على البناء للمفعول (الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان) أي بوصف الكمال، وهو يحتمل أن يكون تمثيلاً، وأن يكونا موجودين في الخارج قبل زمانه أو في أوانه، ويؤيد الثاني ما ذكر في الفصل الثالث من رواية الحسن مرسلاً قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجلين كانا في بني إسرائيل أحدهما كان عالماً، الخ (فضل العالم) بالعلم الشرعي مع القيام بفرائض العبودية. (على العابد) أي على المتجرد للعبادة بعد تحصيل قدر الفرض من العلوم. (كفضلي على أدناكم) أي نسبة طرف

<<  <  ج: ص:  >  >>