للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: فأشفقت يا رسول الله! أن تطأ يحيى، وكان منها قريباً، فانصرفت إليه ورفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال: وتدري ما ذاك؟ قال: لا تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تثوارى منهم. متفق عليه)) . واللفظ للبخاري، وفي مسلم: عرجت

ــ

والدليل على أن المراد من الأمر الاستزادة وطلب دوام القراءة والنهى عن قطعها قوله "فأشفقت" إلخ. وقال الحافظ: قوله "إقرأ يا ابن حضير" أي كان ينبغي أن تستمر على قراءتك وليس أمراً له بالقراءة في حالة التحديث وكأن استحضر صورة الحال، فصار كأنه حاضر عنده لما رآى ما رآى فكأنه يقول استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفهم أسيد ذلك فأجاب بعذره في قطع القراءة وهو قوله (فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى) أي خشيت أن استمريت على القراءة أن تطأ الفرس ولدى، ودل سياق الحديث على محافظة أسيد على خشوعه في صلاته لأنه كان يمكنه أول ما جالت الفرس أن يرفع رأسه وكأنه كان بلغه حديث النهي عن رفع المصلي رأسه إلى السماء فلم يرفعه حتى اشتد به الخطب. ويحتمل أن يكون رفع رأسه بعد انقضاء صلاته، فلهذا تمادى به الحال ثلاث مرات- انتهى كلام الحافظ. وقال السندي علم من أول الأمر إن ما حصل لفرسه من علامات إن قراءته مقبولة محضورة فأمره بالقراءة فيما بعد لما ظهر فيها من البركات أو هذا الأمر منه لبيان إنك لا تجعل مثله مانعاً من القراءة فيما بعد بل امض على قراءتك فيما بعد والله أعلم. (فانصرفت) وفي رواية وانصرفت (إليه) أي انصرفت عن الصلاة إلى يحيى ترحما عليه (ورفعت) وفي البخاري فرفعت (فخرجت) أي من بيتي (حتى لا أراها) أي الظلة أو المصابيح. قال القسطلاني: قوله "فخرجت" بالخاء والجيم كذا لجميعهم. قال عياض: وصوابه فعرجت بالعين- انتهى. قلت: وهكذا وقع عند مسلم، والنسائي وأبي عبيد (دنت) أي نزلت وقربت (لصوتك) أي بالقراءة، وفي رواية مسلم كانت تستمع لك، وعند أبي عبيد وكان أسيد بن حضير حسن الصوت، وعند الإسماعيلي إقرأ أسيد فقد أوتيت من مزامير آل داود. وفيه إشارة إلى الباعث على استماع الملائكة لقراءته (ولو قرأت) أي ولو دمت على قراءتك، وعند أبي عبيد أما إنك لو مضيت (لأصبحت) أي الملائكة (لا تتوارى منهم) أي لا تخفى ولا تستتر الملائكة من الناس، وعند أبي عبيد لرأيت الأعاجيب (متفق عليه) أخرجاه في فضائل القرآن وأخرجه الحاكم (ج١ص٥٥٤) بنحوه باختصار، وقال فيه فالتفت فإذا أمثال المصابيح مدلاة بين السماء والأرض فقال يا رسول الله! ما استطعت أن أمضي فقال تلك الملائكة نزلت لقراءة القرآن أما إنك لو مضيت لرأيت العجائب. وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. (عرجت)

<<  <  ج: ص:  >  >>