للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٦- (١٩) وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً)) رواه الترمذي.

٢١٧- (٢٠) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الكلمة الحكمة ضالة الحكيم، فحيث وجدها فهو أحق بها))

ــ

٢١٦- قوله: (لكم تبع) بفتحتين جمع تابع كخدم وخادم، والخطاب لعلماء الصحابة، يعني يتبعونكم في أفعالكم وأقوالكم؛ لأنكم أخذتم عني مكارم الأخلاق. (من أقطار الأرض) جمع قطر بالضم أي من أطراف الأرض وجوانبها. (يتفقهون في الدين) أي يطلبون علم الدين، والجملة استئنافية لبيان علة الإتيان، أو حال من الضمير المرفوع في "يأتونكم"، وهو أقرب إلى الذوق، كذا قاله الطيبي. (فاستوصوا بهم خيراً) أي في تعليمهم علوم الدين وأخلاق المهتدين وتحقيقه، اطلبوا الوصية والنصيحة بهم من أنفسكم، فالسين للطلب، والكلام من باب التجريد، وفيه مبالغة حيث أمروا أن يجردوا عن أنفسهم أشخاصاً أخر يطلبون منهم التوصية في حق طلبة العلم ومراعاة أحوالهم. وقيل: الاستيصاء قبول الوصية، أي أوصيكم بهم خيراً فاقبلوا الوصية مني فيهم، وافعلوا بهم خيراً، ولهذا كان جمع من أكابر السلف إذا دخل على أحدهم غريب طالب العلم يقول: مرحباً بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (رواه الترمذي) في العلم، وأخرجه أيضاً ابن ماجه في السنة، وهو حديث ضعيف؛ لأن في سنده أباهارون العبدي وهو متروك، ومنهم من كذَّبه.

٢١٧- قوله: (الكلمة الحكمة) أي ذات الحكمة المشتملة عليها، جعلت الكلمة نفس الحكمة مبالغة، فهو من باب رجل عدل، وروي "كلمة الحكمة" بالإضافة من إضافة الموصوف إلى الصفة، وروي "الكلمة الحكمة" على طريق الإسناد المجازي فإن الحكيم قائلها، والمراد بها الجملة المفيدة معنى دقيقاً. (ضالة الحكيم) أي مطلوبه، والضالة في الأصل الضائعة من الحيوان وغيره، و"الحكيم" هو المتقن للأمور الذي له فيها غور. (فهو أحق بها) أي بقبولها، يعني أن الحكيم يطلب الحكمة فإذا وجدها فهو أحق باتباعها والعمل بها، أو المعنى: أن الناس متفاوتون في فهم المعاني واستنباط الحقائق المحتجبة، فينبغي أن لا ينكر من قصر فهمه عن إدراك دقائق الآيات والأحاديث على من رزقه، ولا ينازعه كما لا ينازع صاحب الضالة في ضالته إذا وجدها، أو كما أن صاحب الضالة آخذ ضالته ممن وجدها لا يحل له منعها، كذا العالم لا يحل له المنع عن السائل إذا رأى فيه استعداداً لفهمه، ففيه أنه لا يجوز منح غير الحكيم، فإنها ليست ضالته، أو المراد أن كلمة الحكمة ربما يتكلم بها من ليس لها بأهل ثم وقعت إلى أهلها فهو أحق بها من الذي قالها من غير التفات إلى خساسة من تكلم بها، كالضالة إذا وجد صاحبها أخذها من واجدها وإن كان خسيساً ولا ينظر إلى خساسته. ووقع في الترمذي وابن ماجه "ضالة المؤمن" بدل قوله: "ضالة الحكيم"، قال السندهي: أي مطلوبة له بأشد ما يتصور في الطلب كما يطلب المؤمن

<<  <  ج: ص:  >  >>