للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شي يصنع ذلك، فسألوه، فقال: لأنها صفة للرحمان، وأنا أحب أن أقرأها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه إن الله يحبه)) .

ــ

أن يتعلق بصفة لرجل لفساد المعنى ولا بحال لأن رجلاً نكرة ولم يقل في سرية، لأن على تفيد معنى الاستعلاء والرجل. قيل: هو كلثوم بن الهدم، وفيه نظر لأنهم ذكروا إنه مات في أول الهجرة قبل نزول القتال. وقيل: هو كرز بن زهدم الأنصاري وسماه بعضهم كلثوم بن زهدم، وأما من فسره بأنه قتادة بن النعمان فأبعد جداً وهذا ظاهر. (وكان يقرأ لأصحابه) لأنه كان إمامهم (في صلاتهم) أي التي يصليها بهم (فيختم) لهم أي قراءته (بقل هو الله أحد) السورة إلى آخرها. وهذا يدل على أنه كان يقرأ بغيرها ثم يقرؤها في كل ركعة وهذا هو الظاهر، ويحتمل أنه يختم بها آخر قراءته فيختص بالركعة الأخيرة وعلى الأول فيؤخذ منه جواز الجمع بين السورتين غير الفاتحة في كل ركعة (فلما رجعوا) أي من السرية (ذكروا ذلك) أي فعله، هذا يدل على أن صنيعه ذلك لم يكن موافقاً لما ألفوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - (سلوه لأي شي يصنع ذلك فسألوه) لم تختم بقل هو الله أحد (فقال) الرجل أختم بها (لأنها صفة الرحمن) قال ابن التين: إنما قال إنها صفة الرحمن لأن فيها أسماءه وصفاته أسماءه مشتقة من صفاته. وقال غيره: يحتمل أن يكون الصحابي المذكور قال ذلك مستنداً لشي سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - إما بطريق النصوصية وإما بطريق الاستنباط. وقد أخرج البيهقي في كتاب الأسماء والصفات بسند حسن عن ابن عباس إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا صف لنا ربك الذي تعبد، فأنزل الله عزوجل قل هو الله أحد إلى آخرها فقال هذه صفة ربي عزوجل، وعن أبي كعب قال، قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم - انسب لنا ربك فنزلت سورة الإخلاص- الحديث. وهو عند ابن خزيمة في كتاب التوحيد وصححه الحاكم. قال ابن دقيق العيد: قوله: لأنها صفة الرحمن يحتمل أن يكون مراده إن فيها ذكر صفة الرحمن كما لو ذكر وصف فعبر عن الذكر بأنه الوصف وإن لم يكن نفس الوصف، ويحتمل غير ذلك إلا أنه لا يختص ذلك بهذه السورة لكن لعل تخصيصها بذلك لأنه ليس فيها إلا صفات الله سبحانه وتعالى فاختصت بذلك دون غيرها (وأنا أحب أن أقرأها) أي لذلك دائماً فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره فجاؤا فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه إن الله يحبه) قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون سبب محبة الله له محبته لهذه السورة، ويحتمل أن يكون لما دل عليه كلامه لأن محبته لذكر صفات الرب دالة على صحة اعتقاده. قال المازري: ومن تبعه محبة الله لعباده إرادته ثوابهم وتنعيمهم. وقيل: هي نفس الإثابة والتنعيم لا الإرادة، فعلى الأول هي من صفات الذات (وهي ما استحقه فيما لم يزل ولا يزال) وعلى الثاني من صفات الفعل (وهي ما استحقه فما لا يزال دون الأزل) وأما محبة العباد له تعالى فلا يبعد فيها الميل منهم إليه تعالى وهو متقدس

<<  <  ج: ص:  >  >>