{قل هو الله أحد}{وقل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات)) . متفق عليه.
ــ
[البقرة: ٥٤] على أن التوبة عين القتل ونظائره في كتاب الله العزيز غير عزيز، والمعنى جمع كفيه، ثم عزم على النفث فيهما فقرأ فيهما أو لعل السر في تقديم النفث على القراءة مخالفة السحرة البطلة على أن أسرار الكلام النبوي جلت عن أن تكون مشروع كل وارد. وبعض من لا يدله في علم المعاني لما أراد التفصي عن الشبهة تشبث أنه جاء في صحيح البخاري بالواو، وهي تقتضي الجمعية لا الترتيب وهو زور وبهتان حيث لم أجد فيه وفي كتاب الحميدي، وجامع الأصول (ج٥ص٧٣) إلا بالفاء- انتهى. وقد ثبت في رواية أبي ذر عن الكشمهيني يقرأ (بلا فاء ولا واو) فيهما وفي رواية إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً. قال الحافظ: أي يقرأها وينفث حالة القراءة (يبدأ بهما) أي يبدأ بالمسح بيديه (على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده) قال في شرح المشكاة: قوله "يبدأ" بيان لجملة قوله "يمسح بهما ما استطاع" لكن قوله "ما استطاع من جسده" وقوله "يبدأ" يقتضيان أن يقدر يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ثم ينتهي إلى ما أدبر من جسده. وفي رواية ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده (متفق عليه) فيه نظر فإن الحديث من أفراد البخاري أخرجه في فضائل القرآن من رواية عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة بالسياق المذكور، وفي الدعوات مختصراً، وأخرج في الطب من رواية يونس عن ابن شهاب بنحوه، ولابن شهاب حديث آخر أخرجه البخاري في الوفاة النبوية من رواية يونس وفي فضائل القرآن من رواية مالك وفي الطب من رواية معمر كلهم عن الزهري عن عروة عن عائشة إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها، وأخرجه أيضاً مسلم في الطب من رواية مالك ومعمر ويونس وزياد بن سعد، وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي وابن ماجه في الطب. قال الحافظ: رواية عقيل عن ابن شهاب، وإن اتحد سندها بالسابق (أي بحديث مالك ومن وافقه) لكن فيها أنه كان يقرأ بالمعوذات عند النوم (وفي رواية مالك إن ذلك كان عند الوجع) فهي مغايرة لحديث مالك المذكور فالذي يترجع إنهما حديثان عن ابن شهاب بسند واحد عند بعض الرواة عنه ما ليس عند بعض قال، وقد جعلهما أبومسعود الدمشقي حديثاً واحداً، فعقبه أبوالعباس الطرقي، وفرق بينهما خلف الواسطي وتبعه المزي والله اعلم- انتهى. ولعل صاحب المشكاة قلد الجزري حيث عز رواية عقيل عن ابن شهاب في جامع الأصول (ج٥ص٧٤) إلى البخاري ومسلم أو تبع في ذلك أبا مسعود الدمشقي ومن وافقه فمعنى قوله متفق عليه، أي على أصل الحديث ولا يخفى ما فيه،