٢١٥٥ - (٢٧) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) .
ــ
القرآن على قدر درج الجنة، يقال للقاري إرق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزءاً منها كان رقية في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة- انتهى. وقال التوربشتي: الصحبة الملازمة للشي إنساناً كان أو حيواناً، أو مكاناً أو زماناً ويكون بالبدن هو الأصل والأكثر، ويكون بالعناية والهمة وصاحب القرآن هو الملازم له بالهمة والعناية، ويكون ذلك تارة بالحفظ والتلاوة، وتارة بالتدبر له. والعمل به. فإن ذهبنا فيه إلى الأول فالمراد من الدرجات بعضها دون بعض والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة على حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير، وذلك لما عرفنا من أصل الدين إن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ والتالي له إذا لم ينل شأوه في العمل والتدبر، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ لكتاب الله من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأكثر تلاوة منه وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقه عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره وعمله به. وإن ذهبنا إلى الثاني وهو أحق الوجهين وأتمهما، فالمراد من الدرجات التي يستحقها بالآيات سائرها. وحينئذٍ يقدر التلاوة في القيامة على مقدار العمل، فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليه فيها، واستكمال ذلك إنما يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ثم الأمة بعده على مراتبهم ومنازلهم في الدين، كل منهم يقرأ على مقدار ملازمته إياه تدبراً وعملاً. وقد ورد في الحديث (رواه ابن مردوية والبيهقي عن عائشة) إن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، وفي هذا دليل على صحة ما ذهبنا إليه- انتهى. وقيل: المراد إن الترقي يكون دائماً فكما إن قراءته في حال الإختتام استدعت الإفتتاح الذي لا انقطاع له، كذلك هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتناهى وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم من مستلذاتهم بل هي أعظم مستلذاتهم. (رواه أحمد)(ج٢ص١٩١)(والترمذي) وصححه (وأبوداود) وسكت عنه ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره (والنسائي) وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه كما في الترغيب والكنز، والحاكم (ج١ص٥٥٣) وسكت عنه. وقال الذهبي: صحيح. والبيهقي (ج٢ص٥٣) وأخرجه أحمد وابن ماجه من حديث أبي سعيد بلفظ: يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة إقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شي معه، هذا لفظ ابن ماجه وقوله معه صريح في أن المراد بصاحب القرآن حافظ دون الملازم للقراءة في المصحف.
٢١٥٥- قوله:(إن الذي ليس في جوفه) أي قلبه (شي من القرآن كالبيت الخرب) بفتح الخاء المعجمة