٢١٦٠- (٣٢) وعن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقى في النار ما احترق)) . رواه الدارمي.
ــ
وتعقبه الذهبي فقال قلت زبان ليس بالقوي. وقال المنذري: سهل بن معاذ ضعيف، ورواه عنه زبان ابن فائد وهو ضعيف أيضاً- انتهى.
٢١٦٠ – قوله:(لو جعل القرآن في إهاب) أي جلد لم يدبغ، وقيل المراد به مطلق الجلد، إما على التجريد أو على أنه يطلق عليه وعلى ما لم يدبغ كما في القاموس (ثم ألقى في النار) قال الطيبي: "ثم" ليست لتراخي الزمان بل لتراخي الرتبة بين الجعل في الإهاب والإلقاء في النار، وإنهما أمران متنافيان لرتبة القرآن وإن الثاني أعظم من الأول. قال القاري: والأظهر أنها بمعنى الفاء (ما احترق) أي الإهاب ببركة القرآن. قيل: كان هذا في عصر - صلى الله عليه وسلم - لو ألقى المصحف في عهده في النار، لا تحركه النار وهذا كان معجزة له كسائر معجزاته. وقيل: معناه من كان القرآن في قبله لا تحرقه نار هكذا حكى عن أحمد بن حنبل وأبي عبيد. وقيل: هذا على سبيل الفرض. والتقدير مبالغة في بيان شرف القرآن وعظمته أي من شأنه ذلك على وتيرة قوله تعالى:{لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} الآية [الحشر: ٢١] وقال التوربشتي: المعنى لو قدر أن يكون القرآن في إهاب ما مست النار ذلك الإهاب ببركة مجاورته للقرآن، فكيف بالمؤمن الذي تولى حفظه وقطع في تلاوته ليله ونهاره. والإهاب الجلد الذي لم يدبغ، وإنما ضرب المثل به والله أعلم، لأن الفساد إليه أسرع ولفح النار فيه أنفذ ليبسه وجفافه بخلاف المدبوغ للينة، وقد رأينا في الشاهد أن الجلد الذي لم يدبغ يفسده وهج الشمس بأدنى ساعة وتخرجه عن طبعه، ورأينا المدبوغ يقوى على ذلك للينة. والمراد بالنار المذكورة في الحديث نار الله الموقدة المميزة بين الحق والباطل التي لا تطعم إلا الجنس الذي بعد عن رحمة الله، دون النار التي تشاهد، فهي وإن كانت محرقة بأمر الله أو تقديره أيضاً فإنها مسلطة على الذرات القابلة للحرق لا ينفك عنه إلا في الأمر النادر الذي ينزع الله عنها الحرارة، كما كان من أمر خليل الرحمن صلوات الله عليه وسلامه والله أعلم- انتهى كلام التوربشتي. (رواه الدرامي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ص١٥١- ١٥٥) وأبويعلى والطبراني من طريق ابن لهيعة عن مِشْرَع بن هاعان عن عقبة بن عامر وعزاه في الكنز (ج١ص٤٧٧) للبيهقي في الشعب، وابن الضريس والحكيم الترمذي أيضاً، وله شواهد من حديث عصمة بن مالك عند الطبراني، وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف ومن حديث سهل بن سعد عند الطبراني أيضاً، وفيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان كما في الكنز (ج١ص٤٦١) .