للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاقرأوه، فإن مثل القرآن لمن تعلم فقرأ وقام به كمثل جراب محشو مسكاً، تفوح ريحه كل مكان، ومثل من تعلمه فرقد وهو في جوفه كمثل جراب، أوكي على مسك)) .

ــ

أحد أن يغير أو يحرف شيئاً منعوه- انتهى. وظاهر كلام الزركشي إن كل بلد لا بد فيه أن يكون ممن يتلو القرآن في الجملة، لأن تعلم بعض القرآن فرض عين على الكل، فإذا لم يوجد هناك أحد يقرأ أثموا جميعاً كذا في المرقاة (فاقرأوه) أي بعد التعلم لو عقيبة، وفي الترمذي واقرأوه أي بالواو، وكذا وقع في بعض نسخ المشكاة، وهكذا نقله المنذري في الترغيب، والجزري في جامع الأصول، والحصن وعلى المتقى في الكنز. قال الطيبي: الفاء في قوله "فاقرؤه" كما في قوله تعالى: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [هود: ٣٠] أي تعلموا القرآن وداوموا على تلاوته، والعمل بمقتضاه يدل عليه التعليل بقوله (فإن مثل القرآن لمن تعلم فقرأ) وفي الترمذي تعلمه فقرأه، وهكذا نقله في الترغيب والحصن (وقام به) أي داوم على قراءته وعمل به (كمثل جراب) بكسر الجيم وعاء معروف، وفي الصحاح والعامة تفتحها، وفي القاموس ولا يفتح أو هي لغية، وفي القسط من باب اللطف قول من قال لا تكسر القصعة ولا تفتح الجراب، وخص الجراب هنا بالذكر احتراماً لأنه من أوعية المسك. قال الطيبي: التقدير فإن ضرب المثل لأجل من تعلمه كضرب المثل للجراب، فمثل مبتدأ والمضاف محذوف، واللام "في لمن تعلم" متعلق بمحذوف، والخبر قوله "كمثل" على تقدير المضاف أيضاً، والتشبيه إما مفرد وإما مركب (محشو) بتشديد الواو كمدعو أي مملو (مسكاً) نصبه على التمييز (تفوح) وفي الترمذي يفوح بالتذكير، وكذا في الترغيب والكنز والحصن (ريحه) أي تظهر وتصل رائحته من فاح المسك يفوح فوحاً انتشرت رائحته ولا يقال في الكريهة أو عام (كل مكان) وفي الترمذي، في كل مكان. قال ابن الملك: يعني صدر القاري كجراب، والقرآن فيه كالمسك فإنه إذا قرأ وصلت بركته إلى تاليه وسامعيه. قال القاري: ولعل إطلاق المكان للمبالغة، ونظيره قوله تعالى: {تدمر كل شيء} [الأحقاف: ٢٥] {وأوتينا من كل شيء} [النمل: ١٦] مع أن التدمير والإيتاء خاص (ومثل من تعلمه) بالرفع والنصب (فرقد) وفي الترمذي، فيرقد بصيغة المضارع، وهكذا في الترغيب والكنز والحصن وجامع الأصول أي ينام ويغفل عنه، ولا يشتغل به على الوجه المذكور لأنه من كان كذلك كأنه نائم، وذلك بقرينة مقابلته بقوله "فقرأ" وقام به. وقيل: رقد أي نام عن القيام بالقرآن في الليل وقام به أي في الليل (وهو) أي القرآن (في جوفه) أي في قلبه وهي جملة حالية (أوكي) بصيغة المجهول من أوكيت السقاء إذا ربطت فمه بالوكاء، والوكاء بالكسر الخيط الذي يشد به الأوعية (على مسك) المعنى أنه ملأه مسكاً وربط فمه على المسك أي لأجله يعني القرآن في صدره كالمسك في الجراب، فإن قرأ تصل البركة إلى بيته وإلى السامعين ويحصل منه استراحة

<<  <  ج: ص:  >  >>