٢١٨٢- (٥٤) وعن عقبة بن عامر، قال:((بينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء، إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ {بأعوذ برب الفلق}
ــ
عبد البر بأنه حديث مضطرب وليس كما قال، بل الرواية التي فيها عن أبيه أرجح وهي الموصولة رواته ثقات فلا يضره مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت فالحكم للراجح بلا خلاف. وقد أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي مالك الأشجعي عن عبد الرحمن بن نوفل الأشجعي عن أبيه-انتهى. وقد ذكر الترمذي هذا الاختلاف ثم رجح الرواية الموصولة حيث قال هذا أي الموصول يعني بذكر عن أبيه أشبه وأصح، وفي الباب أحاديث ذكرها الشوكاني في تحفة الذاكرين (ص٨٦) والهيثمي مجمع الزوائد (ج١٠ص١٢١) .
٢١٨٢- قوله:(بين الجحفة) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة قرية خربة قريبة من البحر بينها وبين مكة خمس مراحل أو ستة، وفي وفاء الوفاء هي قرية كانت كبيرة ذات منبر على نحو خمس مراحل وثلثي مرحلة من المدينة وعلى نحو أربع مراحل ونصف من مكة، وفي المحلى قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلاً من مكة، وكان اسمها مهيعة (كمرحلة وقيل كمعيشة) فاجحف السيل بأهلها فسميت الجحفة. قال ابن الكلبي: كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بني عبيل وهم إخوة عاد حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا الجحفة وكان اسمها يومئذ مهيعة فجاءهم سيل واجتحفهم أي استأصلهم فسميت الجحفة كذا في الفتح، وهي التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنقل حمى المدينة إليها فانتقلت إليها فلا يمر بها أحد إلا حم وهي ميقات أهل الشام قديماً ومصر والمغرب، والموضع الذي يحرم المصريون الآن، رابغ بوزن فاعل، قريب من الجحفة. قيل: بينها وبينه نحو ستة أميال (والأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد كحلواء جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد ينسب إليه. وقيل: قرية من أعمال الفرع وبه توفيت أم النبي صلى الله عليه وسلم بينها وبين الجحفة عشرون أو ثلاثون ميلاً. قيل: سميت بذلك لأن السيول تتبوؤها أي تحلها. وقيل: لما كان فيها من الوباء وهي على القلب وإلا لقيل الوباء وأرجع إلى وفاء الوفاء (ص١٠١٦، ١٠١٧- ١١١٨، ١١١٩)(فجعل) أي طفق وشرع (يتعوذ بأعوذ برب الفلق) أي الصبح. وقيل: الخلق. وقيل: سجن أو واد أو جبٌّ في جهنم. وقيل الفلق كل ما أنفلق أي انشق عن شي من الحيوان والصبح والحب والنوى وكل شي من نبات وغيره. قيل: تفسيره بالصبح أولى لأن مقصود العائذ من الاستعاذة أن يتغير حاله بالخروج من الخوف إلى الأمن وبالتخلص عن وحشة الهم والحزن إلى الفرح والسرور والصبح أدل على هذا لما فيه من زوال الظلمة بإشراق أنوار الصبح وتغير وحشة الليل وثقله بسرور الصبح وخفته