٢١٧٦- (٥٨) وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة،
ــ
أي بينوا معانيه وأظهروها، والإعراب الإبانة والإفصاح وهذا يشترك فيه جميع من يعرف لسان العرب ثم ذكر ما يخص بأهل الشريعة من المسلمين بقوله (واتبعوا غرائبه) وفسر الغرائب بالفرائض من الأحكام الواجبة والحدود الشاملة لها ولغيرها حتى السنن والآداب وسماها غرائب لاختصاصها بأهل الدين أو لأن الإيمان غريب فأحكامه تكون غرائب- انتهى. وقيل المعنى أعربوا القرآن أي بينوا ما في القرآن من غرائب اللغة وبدائع الإعراب وقوله "واتبعوا غرائبه" لم يرد به غرائب اللغة لئلا يلزم التكرار ولهذا فسره بقوله وغرائبه فرائضه وحدوده، والمراد بالفرائض المأمورات وبالحدود المنهيات. وقال الطيبي: يجوز أن يراد بالفرائض فرائض المواريث بالحدود حدود الأحكام، أو يراد بالفرائض ما يجب على المكلف إتباعه وبالحدود ما يطلع به على الأسرار الخفية والرموز الدقيقة. قال وهذا التأويل قريب من معنى خبر أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن، الحديث فقوله أعربوا القرآن إشارة إلى ما ظهر منه وفرائضه وحدوده إلى ما بطن منه- انتهى. وقال القاري: وحاصل المعنى بينوا ما دلت عليه آياته من غرائب الأحكام وبدائع الحكم وخوارق المعجزات ومحاسن الآداب وأماكن المواعظ من الوعد والوعيد وما يترتب عليه من الترغيب والترهيب، أو بينوا إعراب مشكل ألفاظه وعباراته ومحامل مجملاته ومكنونات إشاراته وما يرتبط بتلك الإعرابات من المعاني المختلفة باختلافها لأن المعنى تبع للإعراب.
٢١٨٦- قوله:(قراءة القرآن في الصلاة) فرضاً كانت أو نفلاً (أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة) لكونها منضمنة إلى عبادة أخرى ولأن الصلاة محل مناجاة الرب وأفضل عبادات البدن الظاهرة، ولكون القراءة فيها بالحضور أقرب وأحرى (وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير) أي وإن كانا في الصلاة والمراد التسبيح والتكبير وأمثالهما من سائر الأذكار لكون القرآن كلام الله وفيه حكمة وأحكامه. وقيل لأن التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل بعض القرآن، ولذلك فضلوا القيام في الصلاة على الركوع والسجود من جهة أن القيام فيها محل قراءة القرآن وهذه الأفضلية إنما هي فيما لم يرد فيه ذكر بخصوصه أي هذا الحكم إنما هو في غير الأوقات التي يطلب فيها التسبيح ونحوه فهو عقب الصلاة أفضل من قراءة القرآن، وأما ذات القرآن فهي أفضل من غيرها مطلقاً والكلام إنما هو في الاشتغال (والتسبيح) أي ونحوه وترك التكبير اكتفاء (أفضل من الصدقة) وقد اشتهر