للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يتغنى بالقرآن)) متفق عليه.

ــ

إلى نفي صفة الاستماع بل نحمله على ظاهره ونفوض حقيقة معناه إلى الله تعالى (يتغنى بالقرآن) هو من التغني بمعنى الترنم والتطريب أي يحسن صوته ويرتقه ويحزنه. قال في اللمعات: المراد بالتغني تحسين الصوت وتطييبه وتزيينه وترقيقة وتحزينة بحيث يورث الخشية ويجمع الهم ويزيد الحضور ويبعث الشوق ويرق القلب ويؤثر في السامعين مع رعاية قوانين التجويد ومراعاة النظم في الكلمات والحروف كما جاء في الحديث أي الناس أحسن صوتاً للقرآن قال من إذا سمعته يقرأ أريت أنه يخشى وهو الصوت الطبيعي للعرب بحسن غاية الطبيعية المراد بلحن العرب، وإليه الإشارة بقول أبي موسى الأشعري لحبرته تحبيراً. وأما التكلف برعاية قوانين الموسيقي فمكروه، وإذا أدى إلى تغير القرآن فحرام بلا شبهة وسيأتي من الأحاديث ما يدل على ذلك- انتهى. قلت: اختلف في معنى التغني على أقوال كما سيأتي، ومعناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء هو تحسين الصوت به. قال ابن بطال: وبذلك فسره ابن أبي مليكة وعبد الله بن المبارك والنضر بن شميل ويؤيده في الرواية الأخرى قوله يجهر به. قال الطيبي: لأنها جملة مبينة لقوله بيان يتغنى بالقرآن فلم يكن المبين على خلاف البيان كذلك يتغنى بالقرآن في هذه الرواية بيان لقوله ما أذن الله لنبي أي صوته فكيف يحمل على غير حسن الصوت. وقال الحافظ: ظواهر الإخبار ترجح أن المراد تحسين الصوت ويؤيده قوله "يجهر" به فإنها إن كانت مرفوعة قامت الحجة وإن كانت غير مرفوعة فالرواي أعرف بمعنى الخبر من غيره، ولا سيما إذا كان فقيهاً. وقد جزم الحليمي بأنها من قول أبي هريرة والعرب تقول سمعت فلاناً يتغنى بكذا أي يجهر به ويشهد أيضاً لما قال الشافعي الحديث الآخر زينوا القرآن بأصواتكم، ويؤيده أيضاً رواية الطبراني لحديث الباب بلفظ: ما أذن الله لنبي في الترنم في القرآن وعنده في رواية أخرى ما أذن الله لنبي حسن الصوت، وهذا اللفظ عند مسلم أيضاً كما سيأتي. وعند ابن أبي داود والطحاوي حسن الترنم بالقرآن قال الطبري: والترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القاري وطرب به قال، ولو كان معناه الاستغناء كما قيل لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى، وأخرج ابن ماجه والكجى وصححه ابن حبان والحاكم من حديث فضالة بن عبيد مرفوعاً الله أشد أذناً أي استماعاً للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينتة، والقينة المغنية. وروى عمر بن شبة عن عبيد بن عمير قال: كان داود عليه السلام يتغنى يعني حين يقرأ يبكي ويبكي، وعن ابن عباس إن داود كان يقرأ الزبور بسبعين لحناً ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم، وكان إذا أراد أن يبكي نفسه لم يبق دابة في بر ولا بحر إلا انصتت له واستمعت وبكت (متفق عليه) أخرجه البخاري في فضائل القرآن وفي التوحيد ومسلم في فضائل القرآن وأخرجه أيضاً أحمد في مواضع وأبو داود والنسائي في الصلاة والدارمي وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>