للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٢٢٤- (١٦) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة. والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)) .

ــ

٢٢٢٤- قوله: (الجاهر بالقرآن) أي بقراءته (كالجاهر بالصدقة) أي كالمعلن بإعطاءها (والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة) وقد قال الله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} [البقرة: ٢٧١] فالظاهر من الحديث إن السر أفضل من الجهر كما أشار إليه النسائي حيث عقد على هذا الحديث باب فضل السر على الجهر لكن الذي يقتضيه أمره صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ارفع من صوتك إن الاعتدال في القراءة أفضل، فإما أن يحمل الجهر في الحديث على المبالغة والسر على الاعتدال أو على أن هذا الحديث محمول على ما إذا كان الحال تقتضي السر وإلا فالاعتدال في ذاته أفضل قاله السندي. وقال الترمذي: معنى هذا الحديث إن الذي يسر بالقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب لأن الذي يُيسرُّ بالعمل لا يخاف عليه بالعجب ما يخاف عليه في العلانية- انتهى. قلت: وردت أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي الأسرار وخفض الصوت فمن الأول ما تقدم من حديث أبي هريرة عند الشيخين ما أذن الله لشي ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به، ومن الثاني حديث عقبة هذا وحديث معاذ بن جبل أخرجه الحاكم (ج١ص٥٥٥) بلفظ: حديث عقبة وصححه على شرط البخاري ووافقه الذهبي. قال النووي في الأذكار: والجمع بينهما إن الأسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر أفضل بشرط أن لا يؤذي غيره من مصل أو نائم أو غيرهما يعني إن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى مصلون أو نيام بجهره، والجهر أفضل في غير ذلك لأن العمل فيه أكبر ولأنه يتعدى نفعه إلى غيره أي من استماع أو تعلم أو إقتداء أو انزجار أو كونه شعاراً للدين، ولأنه يوقظ قلب القاري ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ولأنه يطرد النوم عنه ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه فمتى حضره شي من هذه النيات فالجهر أفضل- انتهى. قال السيوطي: ويدل لهذا الجمع حديث أبي داود بسند صحيح عن أبي سعيد اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر. وقال ألا أن كلكم مناج لربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. قلت: ويدل له أيضاً ما روى الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر مرفوعاً السر أفضل من العلانية والعلانية أفضل لمن أراد الإقتداء به ذكره الذهبي في ترجمة عبد الملك بن مهران عن عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر. قال السيوطي: وقال بعضهم يستحب الجهر ببعض القراءة والأسرار وببعضها لأن المسر قد يميل فيأنس بالجهر والجاهر قد

<<  <  ج: ص:  >  >>