الأعرابي والعجمي. فقال: إقرؤا فكل حسن. وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح،
ــ
(الأعرابي) بفتح الهمزة أي البدوي ويجمع على الأعراب والأعاريب والنسبة إلى الأعراب أعرابي. وإنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له على هذا المعنى ألا ترى إنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى، وحكى الأزهري رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً، وإن لم يكن فصيحاً وجمعه العرب كما تقول رجل موسى ويهودي، والجمع بحذف ياء النسبة المجوس واليهود ورجل معرب إذا كان فصيحاً وإن كان عجمي النسب ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدوياً سواء كان من العرب أو من مواليهم، والأعرابي إذا قيل له يا عربي هش له، والعربي إذا قيل يا أعرابي غضب له، فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء (والعجمي) نسبة إلى العجم أي غير العربي من الفارسي والرومي والحبشي كسلمان وصهيب وبلال قاله الطيبي. قال الطيبي: وقوله: "فينا" يحتمل احتمالين أحدهما إن كلهم منحصرون في هذين الصنفين، وثانيهما إن فينا معشر العرب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو فيما بيننا تانك الطائفتان وهذا الوجه أظهر لأنه عليه الصلاة والسلام فرق بين الأعرابي والعربي بمثل ما في خطبته مهاجر ليس بأعرابي حيث جعل المهاجر ضد الأعرابي، والأعراب ساكن البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة، والعرب اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه سواء أقام بالبادية أو المدن- انتهى. وحاصله إن العرب أعم من الأعراب وهم أخص ومنه قوله تعالى:{الأعراب أشد كفراً ونفاقاً}[التوبة: ٩٧]{وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}(فقال اقرؤا) أي القرآن كما تقرؤن، وفي رواية أحمد (ج٣ص٣٩٧) قال (أي جابر) فاستمع فقال اقرؤا (فكل حسن) أي فكل قراءة من قراءتكم حسنة مرجوة أو محصلة للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلة ولا عليكم أن لا تقيموا ألسنتكم إقامة القدح وهو السهم قبل أن يعمل له ريش ولا نصل، والمقصود إن قراءة الأعرابي والعجمي وإن كانت بالنظر إلى خروج الألفاظ عن مخارجها ورعاية صفاتها وقواعد لسان العرب غير مستقيمة، ولكن باعتبار ترتب الثواب عليها والقبول عند الله معتبرة (وسيجيء أقوام يقيمونه) أي حروفه وألفاظه ويجودونها بتفخيم المخارج وتمطيط الأصوات. وقال القاري: أي يصلحون ألفاظه وكلماته ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته (كما يقام القدح) بكسر القاف وسكون الدال أي يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة. والحاصل إنهم يبالغون في التحسين والتطريب ويجهدون غاية جهدهم في إصلاح الألفاظ ومراعاة صفاتها ومراعاة قواعد الفن رياء وسمعة ومباهاة وشهرة فليس غرضهم بهذا إلا طلب الدنيا. وفي الحديث رفع الحرج وبناء الآمر على المساهلة فيما يتعلق بقراءة الألفاظ