للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المعنى وزاد غيره إن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي بأن يغير كل أحد الكلمة بمرادفها في لغته بل المراعي في ذلك السماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشير إلى ذلك قول كل من عمر وهشام في حديث الباب أقرأني النبي - صلى الله عليه وسلم - ولئن سلم إطلاق الإباحة بقراءة المرادف ولو لم يسمع لكن الإجماع من الصحابة في زمن عثمان الموافق للعرضة الأخيرة يمنع ذلك. قال الحافظ: ثبت عن غير واحد من الصحابة إنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعاً له ومن ثم أنكر عمر على ابن مسعود قراءته عتى حين، أي حتى حين، وكتب إليه إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقريء الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل وكان ذلك قبل أن يجمع عثمان الناس على قراءة واحدة. قال ابن عبد البر بعد أن أخرجه من طريق أبي داود بسنده: يحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار لا أن الذي قرأ به ابن مسعود لا يجوز قال، وإذا أبيحت قراءته على سبعة أوجه أنزلت جاز الاختيار فيما أنزل. قال أبوشامة: ويحتمل أن يكون مراد عمر ثم عثمان بقولهما نزل بلسان قريش، إن ذلك كان أول نزوله ثم إن الله تعالى سهله على الناس فجوز لهم أن يقرؤه على لغاتهم على أن لا يخرج ذلك عن لغات العرب لكونه بلسان عربي مبين فأما من أراد قراءته من غير العرب فالاختيار له أن يقرأه بلسان قريش لأنه الأولى، وعلى هذا يحمل ما كتب عمر إلى ابن مسعود، لأن جميع اللغات بالنسبة لغير العربي مستوية في التعبير، فإذا لا بد من واحدة فلتكن بلغة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما العربي المجبول على لغته فلو كلف قراءته قريش لعسر عليه التحول مع إباحة الله له أن يقرأه بلغته. ويشير إلى هذا قوله في حديث أبي هّون على أمتي وقوله "إن أمتك لا تطيق ذلك" وكأنه انتهى عند السبع لعلمه أنه لا تحتاج لفظة من ألفاظه إلى أكثر من ذلك العدد غالباً، وليس المراد إن كل لفظة منه تقرأ على سبعة أوجه. قال ابن عبد البر: وهذا مجمع عليه بل هو غير ممكن بل لا يوجد في القرآن كلمة على سبعة أوجه إلا الشيء القليل مثل عبد الطاغوت. قال الحافظ: وحاصل ما ذهب هؤلاء أي الذين قالوا إن المراد بالأحرف اللغات إن معنى قوله أنزل على سبعة أحرف أي أنزل موسعاً على القاري أن يقرأه على سبعة أوجه، أي يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه كأنه قال أنزل على هذا الشرط أو على هذه التوسعة، وذلك لتسهيل قراءته إذ لو أخذوا بأن يقرؤه على حرف واحد لشق عليهم كما تقدم. قال ابن قتيبة: في أول تفسير المشكل له كان من تيسير الله إن أمر نبيه أن يقرأ كل قوم بلغتهم فالهذلي يقرأ عتى حين يريد حتى حين، والأسدي يقرأ تعلمون بكسر أوله، والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز، قال ولو أراد كل فريق منهم أن يزول عن لغته وما جرى عليه لسانه طفلاً وناشئاً وكهلاً لشق عليه غاية المشقة فيسر عليهم ذلك بمنة. ولو كان المراد إن كل كلمة منه تقرأ على سبعة أوجه لقال مثلاً أنزل سبعة أحرف. وإنما المراد أن يأتي في الكلمة وجه أو وجهان أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة-انتهى. وبعد هذا كله رد هذا القول بأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي من لغة واحدة - وقبيلة

<<  <  ج: ص:  >  >>