٢٢٤٠- (٨) وعن ابن عباس، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه {بسم الله الرحمن الرحيم} رواه أبوداود.
ــ
قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاث نفر، رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يأكله لله. وأخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار عن عبد الرحمن بن شبل رفعه إقرؤه القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به- الحديث. قال الحافظ: سنده قوى. وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات. وأخرج أبوعبيد عن عبد الله بن مسعود سيجيء زمان يسئل فيه بالقرآن فإذا سألوكم فلا تعطوهم. وأخرج الطبراني في الأوسط (عن شيخة المقدام بن داود وهو ضعيف) عن أبي هريرة رفعه إقرؤا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ولا تخفوا عنه-الحديث. وهذه الأحاديث شواهد لحديث بريدة وحديث عمران بن حصين المتقدم في الفصل الثاني.
٢٢٤٠- قوله:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة) بالصاد المهملة أي انفصالها وانقضاءها أو فصلها عن سورة أخرى (حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم) ورواه الحاكم بلفظ: كان لا يعلم ختم السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، ورواه البزار بلفظ: كان لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا نزل بسم الله الرحمن الرحيم علم أن السورة قد ختمت واستقبلت وابتدئت سورة أخرى. واستدل به الحنفية لما هو المختار عندهم في هذه المسئلة من أن البسملة آية مستقلة في القرآن وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وإنما أنزلت لافتتاح القراءة بها، وللفصل بين السورتين. قال الطيبي: هذا الحديث وما سرد في آخر هذا الباب دليلان ظاهر أن على أن البسملة آية من كل سورة أنزلت مكررة للفصل. قال صاحب اللمعات: في دلالتهما على أنها جزء من كل سورة كما هو مذهب الشافعي خفاء ظاهر نعم يدلان على أنها من القرآن أنزلت للفصل كما هو مذهبنا والله أعلم. قلت: ويدل على كونها آية من القرآن في كل موضع كتبت فيه إجماع المسلمين على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى والوفاق على إثباتها في المصاحف بخط القرآن مع المبالغة في تجريد القرآن عما ليس منه أسماء السور وأعداد الآي ولفظة آمين، واتفاق أئمة القراءات على قراءة البسملة في ابتداء كل سورة سواء الفاتحة أو غيرها من السور سوى براءة هذا. وقد تقدم الكلام في ذلك في باب القراءة في الصلاة فراجعة (رواه أبوداود) في الصلاة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس وسكت عنه، ورواه أيضاً في مراسيله عن سعيد بن جبير أي مرسلاً. وقال المرسل أصح وأخرجه أيضا الحاكم (ج١ص٢٣١) والبيهقي (ج٢ص٤٢) قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الذهبي في تلخيصه: قلت: أما هذا فثابت، ورواه البزار أيضاً. قال الهيثمي (ج٦٠ص٣١٠) بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.