للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فضربه الحد)) .

ــ

يقيناً تكذيبه كفر، وكان ذلك معلوماًُ قطعاً عند الصحابة، خصوصاً لأمثال ابن مسعود وبعدهم يثبت ذلك بالتواتر. وقد ادعى الجمهور ذلك في القراءات السبع، وبعضهم في العشرة وإن لم يكن ما قرأ ابن مسعود في هذه القصة من هذا القبيل، فإطلاق تكذيب الكتاب المستلزم للكفر تغليظ وتشديد، ولذا لم يحكم بارتداده والله أعلم – انتهى. وسيأتي مزيد الكلام في ذلك (فضربه الحد) أي فضربه ابن مسعود حد شرب الخمر وهذا لفظ البخاري، وفي رواية مسلم "لا تبرح حتى أجلدك قال فجلدته الحد" وفي رواية لأحمد "لا أدعك حتى أجلدك حداً قال فضربه الحد" قال النووي: هذا محمول على أن ابن مسعود كانت له ولاية إقامة الحدود نيابة عن الإمام إما عموماً وإما خصوصاً. وعلى أن الرجل اعترف بشربها بلا عذر وإلا فلا يجب الحد بمجرد ريحها. وعلى أن التكذيب كان بإنكار بعضه جاهلاً إذ لو كذب به حقيقة لكفر فقد أجمعوا على أن من جحد حرفاً مجمعاً عليه من القرآن كفر – انتهى. قال الحافظ: الاحتمال الأول جيد ويحتمل أيضاً أن يكون قوله فضربه الحد أي رفعه إلى الأمير فضربه فأسند الضرب إلى نفسه مجازاً لكونه كان سبباً فيه. وقال القرطبي: إنما أقام عليه الحد لأنه جعل له ذلك من له الولاية أو لأنه رأى أنه قال عن الإمام بواجب أو لأنه كان ذلك في زمان ولايته الكوفة فإنه وليها في زمن عمر وصدراً من خلافة عثمان – انتهى. والاحتمال الثاني موجه وفي الأخير غفلة عما في أول الخبر إن ذلك كان بحمص ولم يلها ابن مسعود وإنما دخلها غازياً وكان ذلك في خلافة عمر. وأما الجواب الثاني عن الرائحة فيرده النقل عن ابن مسعود إنه كان يرى وجوب الحد بمجرد وجود الرائحة، وقد وقع مثل ذلك لعثمان في قصة الوليد بن عقبة، ووقع عند الإسماعيلي أثر هذا الحديث النقل عن علي أنه أنكر على ابن مسعود جلده الرجل بالرائحة وحدها إذ لم يقر ولم يشهد عليه. وقال القرطبي: في الحديث حجة على من يمنع وجوب الحد بالرائحة كالحنفية وقد قال به مالك وأصحابه وجماعة من أهل الحجاز. قلت: (قائله الحافظ) والمسئلة خلافية شهيرة وللمانع أن يقول إذا احتمل أن يكون أقر سقط الاستدلال بذلك، ولما حكى الموفق في المغنى (ج٨ص٣٠٩) الخلاف في وجوب الحد بمجرد الرائحة اختار أن لا يحد بالرائحة وحدها، بل لا بد معها من قرينة كان يوجد سكران أو يتقيأها ونحوه أن يوجد جماعة شهر وبالفسق ويوجد معهم خمر، ويوجد من أحدهم رائحة الخمر. وحكى ابن المنذر عن بعض السلف أن الذي يجب عليه الحد بمجرد الرائحة من يكون مشهوراً بإدمان شرب الخمر. وأما الجواب عن الثالث فجيد أيضاً لكن يحتمل أن يكون ابن مسعود كان لا يرى بمؤاخذة السكران بما يصدر منه من الكلام في حال سكره. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون الرجل كذب ابن مسعود ولم يكذب بالقرآن وهو الذي يظهر من قوله ما هكذا أنزلت فإن ظاهره إنه أثبت إنزالها ونفي الكيفية التي أوردها ابن مسعود. وقال الرجل ذلك إما جهلاً منه أو قلة حفظ أو عدم تثبت بعثه عليه السكر – انتهى. وقال القاري: ظاهر الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>