فافرغ حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان! يا أمير المؤمنين! أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف،
ــ
وضبطها صاحب المطالع ونقله عن ابن الأعرابي بسكون الذال وفتح الراء بلد كبير من نواحي جبال العراق وهي الآن تبريز وقصباتها وهي تلي أرمينية من جهة غربيها واتفق غزوهما في سنة واحدة واجتمع في غزوة كل منهما أهل الشام وأهل العراق والذي ذكرته الأشهر في ضبطها، وقد تمد الهمزة وقد تحذف، وقد تفتح الموحدة، وقد يزاد بعدها ألف مع مد الأولى حكاه الهجري وأنكره الجواليقي – انتهى. وقال الكرماني: الأشهر عند العجم آذر بيجان بالمد والألف بين الموحدة والتحتانية هو بلدة تبريز وقصباتها. وقال القسطلاني: هو اسم اجتمعت فيه خمس موانع من الصرف العجمة والتعريف والتأنيث والتركيب ولحاق الألف والنون وهو إقليم واسع، ومن مشهور مدنه تبريز وهو صقع جليل ومملكة عظيمة (فافزغ) من الافزاغ (حذيفة) بالنصب مفعوله (اختلافهم) بالرفع فاعله أي أوقعه في الفزع والخوف اختلاف أهل العراق وأهل الشام (في القراءة) أي قراءة القرآن وذكر الحافظ هنا روايات توضح ما كان فيهم من الاختلاف حيث قال وقع في رواية فيتنازعون في القرآن حتى سمع حذيفة من اختلافهم ما ذعره. وفي رواية فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة، وفي رواية إن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال يا أمير المؤمنين! أدرك الناس قال وما ذاك؟ قال غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرؤن بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرؤن بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضاً. وفي رواية إنه سمع رجلاً يقول قراءة عبد الله بن مسعود وسمع آخر يقول قراءة أبي موسى الأشعري فغضب ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: هكذا كان من قبلكم اختلفوا والله لأركبن إلى أمير المؤمنين. وفي رواية إن اثنين اختلفا في آية من سورة البقرة قرأ هذا {وأتموا الحج والعمرة لله}[البقرة: ١٩٦] وقرأ هذا وأتموا الحج والعمرة للبيت فغضب حذيفة وأحمرت عيناه. وفي رواية قال حذيفة يقول أهل الكوفة قراءة ابن مسعود، ويقول أهل البصرة قراءة أبي موسى، والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لامرته أن يجعلها قراءة واحدة (أدرك هذه الأمة) أمر من الإدراك بمعنى التدارك، ومعناه بالفارسية درياب أمت راودستكيري كن (قبل أن يختلفوا في الكتاب) أي القرآن (اختلاف اليهود والنصارى) بالنصب أي كاختلافهم في التوراة والإنجيل إلى أن حرفوا وزادوا ونقصوا (فأرسل عثمان إلى حفصة) بنت عمر بن الخطاب (أن أرسلي إلينا بالصحف) التي كان أبوبكر أمر زيداً بجمعها وكانت بعد ما جمعه عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة