وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شي من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم،
ــ
فيهما في رواية مصعب، ثم احتاجوا إلى من يساعد في الكتابة بحسب الحاجة إلى عدد المصاحف التي ترسل إلى الآفاق فأضافوا إلى زيد من ذكر ثم استظهروا، بأبي بن كعب في الإملاء، وقد شق على ابن مسعود صرفه عن كتابة المصحف حتى قال ما أخرجه الترمذي في آخر هذا الحديث، إن عبد الله بن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف، وقال: يا معشر المسلمين: أعزل عن ننسخ كتابة المصاحف ويتولاها رجل، والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر يريد زيد بن ثابت. وأخرج ابن أبي داود من طريق خمير بن مالك سمعت ابن مسعود يقول: لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان، ومن طريق أبي وائل عن ابن مسعود بضعاً وسبعين سورة، والعذر لعثمان في ذلك إنه فعله بالمدينة وعبد الله بالكوفة ولم يؤخر ما عزم عليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر، وأيضاً فإن عثمان إنما أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبي بكر وأن يجعلها مصحفاً واحدا، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبي بكر هو زيد بن ثابت كما تقدم لكونه كان كاتب الوحي، فكانت له في ذلك أولية ليست لغيره. وقد أخرج الترمذي في آخر الحديث المذكور عن ابن شهاب قال بلغني إنه كره ذلك من مقالة عبد الله بن مسعود رجال من أفاضل الصحابة – انتهى كلام الحافظ. (وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة) يعني عبد الله وسعيد أو عبد الرحمن لأن الأول أسدى، والثاني أموي، والثالث مخزومي، وكلها من بطون قريش (في شي من القرآن) وفي رواية في عربية من عربية القرآن، وزاد الترمذي في روايته. قال ابن شهاب: فاختلفوا يومئذ في التابوت، والتابوه، فقال القرشييون التابوت وقال زيد التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش (فإنما نزل بلسانهم) أي لغة قريش. قال القاضي أبوبكر بن الباقلاني: معنى قول عثمان نزل القرآن بلسان قريش أي معظمه وإنه لم تقم دلالة قاطعة إن جميعه بلسان قريش فإن ظاهر قوله تعالى: {إن جعلناه قرآناً عربياً}[الزخرف: ٣] إنه نزل بجميع السنة العرب، ومن زعم أنه أراد مضر دون ربيعة أو هما دون اليمن أو قريشاً دون غيرهم فعليه البيان، لأن اسم العرب يتناول الجميع تناولاً واحداً ولو ساغت هذه الدعوى لساغ للآخر أن يقول نزل بلسان بني هاشم مثلاً، لأنهم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم نسباً من سائر قريش. وقال أبوشامة: يحتمل أن يكون قوله: "نزل بلسان قريش" أي ابتداء نزوله ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم. كما تقدم تقريره في شرح حديث نزل القرآن على سبعة أحرف – انتهى. وتكملته أن يقال إنه نزل أولاً بلسان قريش أحد الحروف السبعة، ثم نزل بالأحرف السبعة المأذون في قراءتها تسهيلاً وتيسيراً كما سبق بيانه، فلما جمع عثمان الناس على حرف واحد رأى