قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: أنه سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف،
ــ
أخرج عبد الرزاق من طريق طاوس إنه كان يحرق الرسائل التي فيها البسملة إذا اجتمعت، وكذا فعل عروة وكرهه إبراهيم. وقال ابن عطية: هذا أي التحريق كان في ذلك الوقت وأما الآن فالغسل أولى إذا دعت الحاجة إلى إزالته. قال العيني: وقال أصحابنا الحنفية إن المصحف إذا بلى بحيث لا ينتفع به يدفن في مكان طاهر بعيد عن وطء الناس. وقال القاري: يتعين الغسل بل ينبغي أن يشرب ماءه. قال شيخنا في شرح الترمذي بعد نقل كلام العيني: لو تأملت عرفت أن الاحتياط هو في الإحراق دون الدفن ولهذا اختار عثمان رضي الله عنه ذلك دون هذا والله تعالى أعلم. قلت: وإحراقه بقصد صيانته بالكلية لا امتهان فيه بوجه بل فيه دفع سائر صور الإهانة فهو الأولى بل المتعين، وأما القول بتعين الغسل ففساده ظاهر مع أنه لا يمكن في الأوراق المطبوعة كما لا يخفى. قال البغوي في شرح السنة: في هذا الحديث البيان الواضح إن الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن المنزل من غير أن يكونوا زادوا أو نقصوا منه شيئاً باتفاق منهم من غير أن يقدموا شيئاً أو يؤخروه بل كتبوه في المصاحف على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه السلام على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية بموضعها وأين تكتب. وقال أبوعبد الرحمن السلمي: كان قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، وهي التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان زيد شهد العرضة الأخيرة وكان يقري الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه وولاه عثمان كتبة المصاحف. قال السفاقسي: فكان جمع أبي بكر خوف ذهاب شي من القرآن بذهاب حملته إذ أنه لم يكن مجموعاً في موضع واحد وجمع عثمان لما كثر الاختلاف في وجوه قراءته حين قرؤا بلغاتهم حتى أدى ذلك إلى تخطيئة بعضهم بعضاً، فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مقتصراً من اللغات على لغة قريش إذ هي أرجحها كذا في شرح البخاري للقسطلاني (قال ابن شهاب) أي الزهري وهذه القصة موصولة بالإسناد الذي روى به الحديث الأول أي قصة جمع عثمان ونسخه القرآن في المصاحف. وقد رواها البخاري موصولة مفردة في الجهاد، وفي المغازي في باب غزوة أحد وفي تفسير سورة الأحزاب (فأخبرني) هذا لأبي ذر ولغيره وأخبرني بالواو (خارجة بن زيد بن ثابت) الأنصاري النجاري أبوزيد المدني من كبار ثقات التابعين أدرك زمن عثمان وسمع أباه وغيره من الصحابة وهو أحد فقهاء المدينة السبعة روى عنه الزهري وغيره مات سنة مائة وقيل: سنة تسع وتسعين (إنه سمع) أباه (زيد بن ثابت قال فقدت) بفتح القاف (آية من الأحزاب حين نسخنا) أي أنا والقرشيون الثلاثة (المصحف) أي المصاحف في زمن عثمان