٢٢٤٤- (١٢) وعن ابن عباس، قال: قلت لعثمان: ((ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني،
ــ
بمجرد الحفظ دون الكتابة ولا بمجرد وجدانها مكتوبة عند واحد إلا أنه لم يجد آخر سورة براءة مكتوباً إلا عند أبي خزيمة وإن كان قد سمعه من جماعة من الحفاظ وكان يحفظه بنفسه أيضاً، ووقع مثل هذا التفرد حين كتبت الصحف في المصاحف في عهد عثمان، وكان هذا التفرد في آية {من المؤمنين رجال} الآية وكان زيد قد التزم في كتابته الثانية أيضاً مثل ما التزمه في الأولى مع أمر زائد، وهو العرض والمقابلة مع الصحف التي كتبت أولاً أي في عهد أبي بكر فاتفق أنه لم يجد آية {من المؤمنين رجال} مكتوبة عند اثنين وإن كانت مكتوبة في المصحف ومحفوظة في صدور الرجال والله أعلم (رواه البخاري) في باب جمع القرآن من فضائل القرآن. وأخرجه أيضاً الترمذي في تفسير سورة التوبة والبيهقي (ج٢ص٤١، ٤٢) ونسبه في التنقيح للنسائي وابن سعد وابن أبي داود وابن الأنباري والبيهقي وابن حبان أيضاً، تنبيه قال ابن التين وغيره: الفرق بين جمع أبي بكر وبين جمع عثمان: إن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب من القرآن شي بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعاً في موضع واحد فجمعه في صحائف مرتباً لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القرآن حين قرؤه بلغاتهم على اتساع اللغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتباً لسوره، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجاً بأنه نزل بلغتهم، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعاً للحرج والمشقة في ابتداء الأمر فرأى إن الحاجة إلى ذلك انتهت فاقتصر على لغة واحدة، وكانت لغة قريش أرجح اللغات فاقتصر عليها. وقال الحارث المحاسبي: المشهور عند الناس إن جامع القرآن عثمان وليس كذلك إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينة وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات، فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن، فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق وقد قال علي لو وليت لعملت بالمصاحف التي عمل بها عثمان كذا في الإتقان.
٢٢٤٤- قوله:(قلت لعثمان) بن عفان (ما حملكم) أي ما الباعث لكم (على أن عمدتم) بفتح الميم أي قصدتم، وهذا لفظ أحمد، وعند الترمذي وأبي داود ما حملكم إن عمدتم أي بدون علي (إلا الأنفال) أي سورة الأنفال (وهي من المثاني) المثاني من القرآن ما كان من سوره أقل من المئين، فإنهم قسموا القرآن إلى أربعة