للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال! قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت. فلم أر

يستجاب لي،

ــ

لا يصل أهله ويبرّهم ويحسن إليهم (ما لم يستعجل) وفي رواية ما لم يعجل بفتح التحتية، والجيم بينهما عين ساكنة من سمع يعني يقبل دعاءه بشرط أن لا يستعجل. قال الطيبي: الظاهر ذكر العاطف في قوله "ما لم يستعجل" لكنه ترك تنبيها على استقلال كل من القيدين أي يستجاب ما لم يدع بإثم يستجاب ما لم يستعجل (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (يقول) أي الدعي (قد دعوت وقد دعوت) أي مرة بعد أخرى يعني مرات كثيرة فتكرار "دعوت" للاستمرار أي دعوت مراراً كثيراً (فلم أر يستجاب لي) قال القاري: أي لم أر آثار استجابة دعائي وهو إما استبطاء أو إظهار يأس وكلاهما مذموم، أما الأول فلأن الإجابة لها وقت معين كما ورد إن بين دعاء موسى وهارون على فرعون وبين الإجابة أربعين سنة. وأما القنوط فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون مع أن الإجابة على أنواع: منها تحصيل عين المطلوب في الوقت المطلوب ومنها وجوده في وقت آخر لحكمة اقتضت تأخيره ومنها دفع شر بدله أو إعطاء خير آخر خير من مطلوبه ومنها ادخاره ليوم يكون أحوج إلى ثوابه – انتهى. قلت: المراد بالاستجابة في الحديث وفي قوله تعالى: {ادعواني استجب لكم} [غافر: ٦٠] وقوله {أجيب دعوة الداع إذا دعان} [البقرة: ١٨٦] ما هو أعم من تحصيل المطلوب بعينه، أو ما يقوم مقامه ويزيد عليه، فكل داع يستجاب له بشروط الإجابة لكن تتنوع الإجابة فتارة تقع بعين ما دعا به وتارة بعوضه. وقد ورد في ذلك حديث صحيح أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رفعه ما على الأرض مسلم يدعوا بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه السوء مثلها، ولأحمد من حديث أبي هريرة إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له، وسيأتي حديث أبي سعيد في الفصل الثالث ما من مسلم يدعوا بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها وإلى ذلك أشار القاري، وأشار إليه أيضاً ابن الجوزي بقوله اعلم أن دعاء المؤمن لا يرد غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض، وفي رواية للشيخين وغيرهما يستجاب لأحدكم (أي يجاب دعاء كل واحد منكم إذا سم الجنس المضاف يفيد العموم على الأصح) ما لم يعجل بقول (بيان لقوله يعجل) دعوت فلم يستجب لي (بضم المثناة التحتية وفتح الجيم) قال الباجي: قوله "يستجاب لأحدكم" الخ يحتمل معنيين أن يكون بمعنى الإخبار عن وجوب وقوع الإجابة. والثاني: الإخبار عن

<<  <  ج: ص:  >  >>