٢٢٦٢- (١٨) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء)) . رواه الترمذي. وقال: هذا حديث غريب.
٢٢٦٣- (١٩) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء
ــ
٢٢٦٢- قوله: (من سره) أي أعجبه وأوقعه في الفرح والسرور (أن يستجيب الله له عند الشدائد) جمع الشديدة وهي الحادثة الشاقة. وقال الجزري: الشديدة كل ما يمر بالإنسان من مصائب الدنيا، وفي الترمذي زيادة، والكرب بضم الكاف وفتح الراء جمع الكربة، وهي الغم الذي يأخذ بالنفس لشدته (فليكثر) أمر من الإكثار (الدعاء في الرخاء) بفتح الراء والخاء المعجمة ممدود أي في حالة الصحة والفراغ والعافية. قال الجزري: الرخاء السعة في العيش وطيبة وهو ضد الشدة – انتهى. والمعنى فليلازم الدعاء في حال الصحة والرفاهية والسلامة من المحن، فإن من شيمة المؤمن الحازم أن يريش أسهم قبل أن يرمي ويلتجىء إلى الله قبل مس الاضطرار إليه بخلاف الكافر والفاجر كما قال الله تعالى:{وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إلى خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل} الآية [الزمر: ٨] وقال {وإذا مس الإنسان ضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه}[يونس:١٢](رواه الترمذي) وكذا الحاكم (ج١ص٥٤٤) وقال حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. قال المنذري في الترغيب: ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة ومن حديث سلمان وقال في كل منهما صحيح الإسناد.
٢٢٦٣- قوله:(وأنتم موقنون بالإجابة) المراد ملزومه أي ادعوا الله والحال إنكم ملتبسون بالصفات التي هي سبب في الإجابة. قال التوربشتي: أي كونوا عند الدعاء على حالة تستحقون فيها الإجابة وذلك إتيان المعروف واجتناب المنكر وغير ذلك من مرعاة أركان الدعاء وآدابه حتى تكون الإجابة على قلوبكم أغلب من الردأ، والمراد ادعوه معتقدين لوقوع الإجابة لأن الداعي إذا لم يكن متحققاً في الرجاء لم يكن رجاءه صادقاً وإذا لم يكن الرجاء صادقاً لم يكن الدعاء خالصاً والداعي مخلصاً فإن الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع إلا بتحقق الأصل. وقيل: لا بد من اجتماع المعنيين إذ كل منهما مطلوب لرجاء الإجابة، وقال المظهر: المعنى ليكن الداعي ربه على يقين بأن الله تعالى يجيبه لأن رد الدعاء إما لعجز في إجابته أو لعدم كرم في المدعو أو لعدم علم المدعو بدعاء الداعي وهذه الأشياء منتفية عن الله تعالى فإن الله جل جلاله عالم كريم قادر لا مانع له من الإجابة، فإذا علم الداعي إنه لا مانع لله في إجابة الدعاء فليكن موقناً بالإجابة. فإن قيل قد قلتم إن الداعي ليكن موقنا بالإجابة واليقين إنما يكون إذا لم يكن الخلاف في ذلك الأمر، ونحن قد نرى بعض الدعاء يستجاب وبعضها لا يستجاب