للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأزيد. ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر. ومن تقرب مني شبراًً، تقربت منه ذراعاً. ومن تقرب مني ذراعاً، تقربت منه باعاً. ومن أتاني يمشي أتيته هرولة.

ــ

الأمثال جمع مثل وهو مذكر فكان قياسه عشرة بالتاء على القاعدة، والجواب إن المعدود محذوف وهو موصوف أمثالها، والحسنات مؤنث فناسب تذكير العدد يعني أنه روعي في ذلك الموصوف المحذوف والتقدير فله عشر حسنات أمثالها، ثم حذف الموصوف وأقيم صفته مقامه وترك العدد على حاله ومثله مررت بثلاثة نسايات ألحقت في عدد المؤنث مرعاة للموصوف المحذوف إذا الأصل بثلاثة رجال نسايات. والحاصل إن له عشر مثوبات كل منها مثل تلك الحسنة في الكيفية وهذا أقل المضاعفة بمقتضى الواعد ولذا قال (وأزيد) بصيغة المتكلم أي لمن أريد الزيادة من أهل السعادة على عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وإلى أضعاف كثيرة. قال النووي: معناه إن التضعيف بعشر أمثالها لا بد منه بفضل الله ورحمته ووعده الذي لا يخلف والزيادة بعد بكثرة التضعيف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة يحصل لبعض الناس دون بعض على حسب مشيئته سبحانه وتعالى (ومن جاء بالسيئة) أي غير مكفرة (فجزاء سيئة مثلها) أي عدلاً (أو أغفر) فضلاً. قال الطيبي: اختص ذكر الجزاء بالثانية لأن ما يقابل العمل الصالح كله أفضال وإكرام من الله، وما يقابل السيئة فهو عدل وقصاص فلا يكون مقصوداً بالذات كالثواب، فخص بالجزاء. وأما إعادة السيئة نكرة فلتنصيص معنى الوحدة المبهمة في السيئة المعرفة المطلقة وتقريرها. وأما معنى الواو في "وأزيد" فلمطلق الجمع إن أريد بالزيادة الرؤية كقوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: ٢٦] وإن أريد بها الأضعاف فالواو بمعنى "أو" التنويعية كما هي في قوله أو أغفر قال القاري: والأظهر ما قاله ابن حجر من أن العشر والزيادة يمكن اجتماعهما بخلاف جزاء مثل السيئة ومغفرتها فإنه لا يمكن اجتماعهما فوجب ذكراً والدال على أن الواقع أحدهما فقط ومن تقرب) أي طلب القربة (مني) أي بالطاعة (شبراً) أي مقداراً قليلاً، قال الطيبي: شبراً وذراعاً وباعاً في الشرط والجزء منصوب على الظرفية أي من تقرب إلى مقدار شبر (ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً) قال الباجي: الباع طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره، وذلك قدر أربعة أذرع. وقيل: هو قدر مد اليدين وما بينهما من البدن (ومن أتاني) حال كونه (يمشي أتيته هرولة) هي الإسراع في المشي دون العدو. وقال الطيبي: هي حال أي مهرولاً أو مفعول مطلق لأن الهرولة نوع من الإتيان فهو كرجعت القهقري لكن الحمل على الحال أولى لأن قرينه يمشي حال لا محالة قال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره (أي لأنه يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال) ومعناه من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>