قال: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله)) . رواه أحمد والترمذي.
٢٢٩٤- (١٢) وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مررتم برياض الجنة
ــ
والأظهر أنه إخبار عن طيب حاله وحسن مآله فيكون متضمناً للجواب ببلاغة مقاله كذا في المرقاة. قلت: الرواية عند أحمد والترمذي بغير زيادة كلمة "طوبى" وكذا ذكرها الجزري بغير هذه الزيادة في جامع الأصول (ج١٢ص٣٢١) فالجواب في روايتهما على ما يقتضيه الظاهر (ولسانك) الواو للحالية (رطب) بفتح الراء وسكون الطاء أي قريب العهد أو متحرك طري (من ذكر الله) قال الطيبي: رطوبة اللسان عبارة عن سهولة جريانه كما أن يبسه عبارة عن ضده ثم إن جريان اللسان عبارة عن مداومة الذكر فكأنه قيل خير الأعمال مداومة الذكر، فهو من أسلوب قوله تعالى:{ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}[البقرة: ١٣٢] انتهى. وقيل: المقصود في الحديث الحث على الذكر القلبي والمداومة عليه، لكن لما كان الذكر اللساني دالاً عليه ومنبئاً عنه مثاباً عليه اكتفى بذكره إقامة للدال مقام المدلول. وأما إذا اجتمعا فهو أولى وأحرى (رواه أحمد والترمذي) فيه نظر فإن بين السياق الذي ذكره المصنف ههنا تبعاً للمصابيح وبين سياق أحمد والترمذي فرقاً بيناً، فإن الترمذي أخرج الفصل الأول فقط في باب ما جاء في طول العمر للمؤمن من كتاب الزهد بلفظ: إن أعرابياً قال يا رسول الله! من خير الناس قال من طال عمره وحسن عمله. وروى الفصل الثاني فقط بسنده الأول في فضل الذكر من الدعوات بالسياق الذي يأتي في الفصل الثالث من هذا الباب. وأما الإمام أحمد فروى الحديث بتمامه في موضعين الأول بلفظ: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرابيان فقال أحدهما من خير الرجال يا محمد: قال من طال عمره وحسن عمله، وقال الآخر: إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع قال لا يزال لسانك رطباً بذكر الله، والثاني بلفظ: جاء أعرابيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما أي الناس خير؟ قال من طال عمره وحسن عمله. وقال الآخر يا رسول الله: إن شرائع الإسلام فذكر مثل السياق الآتي في الفصل الثالث، ونسب هذا الحديث في تنقيح الرواة للبغوي في شرح السنة والله اعلم. والحديث قد حسنه الترمذي، وروى الجزء الأول أيضاً الطبراني في الكبير وأبونعيم في الحلية كما في الجامع الصغير. وروى نحوه أحمد ورجاله رجال الصحيح وابن حبان في صحيحه والبيهقي عن أبي هريرة والترمذي وصححه، وأحمد والدارمي والطبراني والحاكم: والبيهقي عن أبي بكرة وأبويعلى بإسناد حسن عن أنس والحاكم عن جابر. وقال صحيح على شرط الشيخين، وأما الجزء الثاني فسيأتي تخريجه في الفصل الثالث.
٢٢٩٤- قوله:(إذا مررتم برياض الجنة) جمع روضة، وهي أرض مخضرة بأنواع النبات يقال لها