وفي رواية:((أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت)) .
ــ
على أفضلية التسبيح مطلقاً وهو مخالف لحديث جابر، فإنه يدل على أفضلية التهليل مطلقاً: وقد جمع القرطبي بما حاصله إن هذه الأذكار إذا أطلق على بعضها أنه أفضل الكلام أو أحبه إلى الله، فالمراد إذا انضمت إلى أخواتها بدليل حديث سمرة عند مسلم أحب الكلام أربع لا يضرك بأيهن بدأت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر: ويحتمل أن يكتفي في ذلك بالمعنى فيكون من اقتصر على بعضها كفى، لأن حاصلها التعظيم والتنزيه ومن نزهه فقد عظمه ومن عظمه فقد نزهه – انتهى. وقيل: يحتمل أن يجمع بأن تكون "من" مضمرة في قوله أفضل الذكر لا إله إلا الله، وفي قوله أفضل الكلام وكذا في قوله الآتي أحب الكلام بناء على أن لفظ أفضل وأحب متساويان في المعنى. قلت: ويؤيد ذلك ما وقع في رواية أحمد (ج٥ص١١) أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين (ص٢٤٣) تحت رواية سمرة: أحب الكلام إلى الله أربع الخ. في الحديث دليل على أن هذه الأربع الكلمات أحب إلى الله تعالى، ولا ينافيه ما سيأتي من أن سبحان الله وبحمده أحب الكلام إلى الله، لأن التسبيح والتحميد هن من جملة هذه الأربع المذكورة هنا (وفي رواية أحب الكلام إلى الله أربع) أي أربع كلمات (سبحان الله) أي اعتقد تنزهه عن كل ما لا يليق بجمال ذاته وكمال صفاته وهذا بمنزلة التخلية ولذا أردفه بما يدل على أنه المتصف بالأسماء الحسنى والصفات العلى المستحق لإظهار الشكر وإبداء الثناء وهو بمنزلة التحلية ولذا قال (والحمد لله) ثم أشار إلى أنه متوحد في صفاته السلبية ونعوته الثبوتية فقال (ولا إله إلا الله) ثم أو ما إلى أنه لا يتصور كنه كبريائه وعظمة إزاره وردائه بقوله (والله أكبر) ثم قال (لا يضرك بأيهن) أي بأي الكلمات (بدأت) أي لا يضرك أيها الآتي بهن في حيازة ثوابهن لأن كلا منها مستقل فيما قصد بها من بيان جلال الله وكماله، ولكن الترتيب المذكورة أفضل وأكمل للمناسبة الظاهرة من تقديم التنزيه وإثبات التحميد ثم الجمع بينهما بكلمة التوحيد المشتملة على التسبيح والتحميد ثم الختم بكون سبحانه أكبر من أن يعرف حقيقة تسبيحه وتحميده. قال ابن الملك: يعني بدأت بسبحان الله أو بالحمد لله أو بلا إله إلا الله أو بالله أكبر جاز، وهذا يدل على أن كل جملة منها مستقلة لا يجب ذكرها على نظمها المذكور لكن مراعاتها أولى، لأن المتدرج في المعارف يعرفه أولاً بنعوت جلاله التي تنزه ذاته عما يوجب نقصاً، ثم بصفات كماله وهي صفاته الثبوتية التي بها يستحق الحمد، ثم يعلم أن من هذا صفته لا مماثل له ولا يستحق الألوهية غيره فيكشف له من ذلك إنه أكبر إذ كل شيء هالك إلا وجهه – انتهى. قال الشوكاني: واعلم أن هذه "الواو" الواقعة بين هذه الكلمات هي واقعة لعطف بعضها على بعض كسائر الأمور المتعاطفة فهل يكون