للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان فقيهاً؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من حفظ على أمتي أربعين حديثاً في أمر دينها. بعثه الله فقيهاً، وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً)) .

٢٦١- (٦٤) وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هل تدرون من أجود جوداً؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: الله أجود جوداً، ثم أنا أجود بني آدم، وأجودهم من بعد رجل علم علماً فنشره، يأتي يوم القيامة أميراً وحده. أو قال: أمة واحدة)) .

ــ

كان فقيهاً) يعني عالماً في الآخرة، ومعدوداً في زمرة العلماء فيها، ومستحقاً لما وعدوا من الثواب. (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً) قال المناوى: أي نقلها إليهم بطريق التخريج والإسناد - انتهى. وقال النووي: معنى "حفظها" أن ينقلها إلى المسلمين وإن لم يحفظها ولا عرف معناها. هذا حقيقة معناه، وبه يحصل انتفاع المسلمين لا بحفظها ما لم ينقل إليهم انتهى. (في أمر دينها) صحاحاً أو حساناً. قيل: أو ضعافاً يعمل بها في الفضائل. قال القاري: هو احتراز عن الأحاديث الأخبارية التي لا تعلق لها بالدين اعتقاداً أو علماً أو عملاً، ومن نوع واحد أو أنواع. (بعثه الله فقيهاً) أي في زمرة العلماء (شافعاً) بنوع من أنواع الشفاعات الخاصة. (وشهيداً) أي حاضراً لأحواله، ومزكياً لأعماله، ومثنياً على أقواله. وحاصل الجواب: أن مقدار العلم الذي إذا بلغه الرجل كان معدوداً في زمرة العلماء. هي معرفة أربعين حديثاً ونقلها إلى المسلمين، وبالنظر إلى هذا الحديث صنف العلماء من السلف والخلف في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات، واختلف مقاصدهم في تأليفها وجمعها وترتبيها، وسمى كل واحد منهم كتابة بالأربعين، ذكر في كشف الظنون كتباً كثيرة من الأربعينات مع شروحها، من شاء الوقوف عليها فليرجع إليه. وسيأتي الكلام على الحديث عند ذكر قول الإمام أحمد.

٢٦١- قوله: (من أجود) من الجودة أي أحسن (جوداً) أي أكثر كرماً، أو من الجود أي من الذي جوده أجود، على حد "نهاره صائم" والجود قال الراغب: هو بذل المقننيات ما لا كان أو علماً. قيل: "من" الاستفهامية مبتدأ و"أجود" خبره و"جوداً" تمييز. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (الله أجود جوداً) هو لمجرد المبالغة فإنه المتفضل بالإيجاد والامداد على جميع البلاد. (ثم أنا أجود بني آدم) الظاهر أنه على الإطلاق، أي أفضلهم وأكرمهم (وأجودهم) أي زمانه (من بعدي) يحتمل البعدية بحسب المرتبة، ويحسب الزمان، والأول أظهر، قاله الطيبي. (رجل علم) بالتخفيف (علماء) أي عظيماً نافعاً في الدين (فنشره) بالتدريس، والتصنيف، والترغيب فيه (أميراً وحده) يعني يجئ يوم القيامة وحده كالأمير الذي معه أتباعه وخدمه في العزة والعظمة. (أو قال أمة واحدة) "أو" للشك من الراوي، والأمة الرجل الجامع للخير، والصنف من الناس، يعني يأتي وحده كالجماعة في العزة والعظمة والشرف، وهو نظير قوله تعالى: {إن إبراهيم كان أمة} [١٢٠:١٦] ، حيث أطلق الأمة على من جمع من صفات الفضل، وسمات الخير، والأخلاق الحميدة ما لا يوجد إلا في

<<  <  ج: ص:  >  >>