للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٣- (٦٦) وعن عون قال: قال عبد الله بن مسعود: "منهومان لا يشبعان: صاحب العلم، وصاحب الدنيا، ولا يستويان، أما صاحب العلم فيزداد رضى للرحمن، وأما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان. ثم قرأ عبد الله {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} قال: وقال: الآخر {إنما يخشى الله من عباده العلماء} رواه الدارمي.

٢٦٤- (٦٧) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ويقرءون القرآن، يقولون: نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم ونعتزلهم بديننا. ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشواك،

ــ

٢٦٣- قوله: (وعن عون) هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبوعبد الله الكوفي، الزاهد من ثقات التابعين، كان من عباد أهل الكوفة وقرائهم. وذكر الدارقطني أن روايته عن ابن مسعود مرسلة، ذكره البخاري فيمن مات بين عشر ومائة إلى عشرين. (ولايستويان) أي في المآل والعاقبة (وأما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان) أي يستمر فيه. وقيل: يزداد ويتوسع. (ثم قرأ عبد الله) استشهاداً لذم الثاني (ليطغى أن رآه) لأجل أن رآى نفسه (استغنى) عن الناس لكثرة ما عنده من المال. (قال) أي عون (وقال) أي ابن مسعود بعد قراءته ما سبق وهو قوله: {إن الإنسان ليطغى} (الآخر) بالرفع أي الاستشهاد الآخر، وقيل: بالنصب، أي ذكر الاستشهاد الآخر {إنما يخشى الله من عباده العلماء} تقدم معناه، وحاصل الاستشهاد بالآيتين أن الأول موجب لزيادة الطغيان المقتضي ترك الطاعة والعبادة، والثاني سبب لزيادة الخشية المورثة للعمل، فشتان ما بينهما، قإن طالب الدنيا يزداد بعداً من الله لسوء أدبه وجرأته على الله تعالى، وصاحب العلم يزداد قرباً لخشيته ومراعاته أدب الحضرة القدسية. (رواه الدارمي) أي موقوفاً على ابن مسعود من قوله، وقد تقدم أن رواية عون عن ابن مسعود مرسلة فهو منقطع موقوف، وأخرجه الطبراني في الكبير عنه مرفوعاً، وفيه أبوبكر الداهري، وهو ضعيف.

٢٦٤- قوله: (إن أناسا) أي جماعة (سيتفقهون في الدين) أي سيدعون الفقه في الدين، كذا قاله الطيبي. أو يطلبون الفقه ويحصلونه. (ويقرؤن القرآن) أي بالقراءات أو بتفسير الآيات، ويأتون الأمراء لا لحاجة ضرورية بل لإظهار الفضيلة والطمع لما في أيديهم من المال والجاه. (يقولون) أي لدفع الاعتراض (فنصيب) أي نأخذ (ونعتزلهم) أي نبعد عنهم (بديننا) بأن لا نشاركهم في إثم يرتكبونه. (ولا يكون ذلك) أي قال - صلى الله عليه وسلم -: لا يتحقق ذلك. وهو الإصابة من الدنيا والإعتزال عن الناس بالدين أي حصول الدنيا لهم وسلامة دينهم مع مخالطتهم إياهم؛ لأن المتقرب إليهم لا يأمن المداهنة، وطلب مرضاتهم، وتحسين حالهم القبيح. (كما لا يجتنى) على بناء المفعول، أي لا يؤخذ من "جنى الثمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>