للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٨- (٧١) وعن سفيان أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لكعب: "من أرباب العلم"؟ قال: "الذين يعملون بما يعلمون"، قال: "فما أخرج العلم من قلوب العلماء"؟ قال: "الطمع"، رواه الدارمي.

ــ

السيد: المراد بالإرسال المعنى اللغوى الذي هو الانقطاع؛ لأن الأعمش لم يسمع من أحد من الصحابة.

٢٦٨- قوله: (عن سفيان) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، أبوعبد الله من كبار أتباع التابعين، وإمام المسلمين، وحجة الله على خلقه، جمع في زمنه بين الفقه والاجتهاد فيه، والحديث، والزهد، والعبادة، والورع، والثقة، وإليه المنتهى في علم الحديث وغيره من العلوم. أجمع الناس على دينه، وزهده، وورعه، وثقته، وهو أحد الأئمة المجتهدين، وأحد أقطاب الاسلام وأركان الدين. سمع خلقاً كثيراً، وروى عنه الأوزاعي، ومالك، وابن جريج، وخلق كثير سواهم، حتى قيل: روى عنه عشرون ألفاً، يبلغ حديثه ثلثين ألفاً. وقال في التقريب: إنه ثقة، حافظ، فقيه؟ عابد، إمام، حجة. ولد سنة (٩٧) ، ومات بالبصرة سنة (١٦١) وله أربع وستون. (قال لكعب) هو كعب بن ماتع الحميرى، أو إسحاق المعروف بكعب الأحبار، جمع الحبر-بكسر الحاءوفتحها - بمعنى العالم والصالح، ويضاف إليه إما لكثرة كتابته، أو معناه ملجأ العلماء. وقال الطيبي: الإضافة كما في زيد الخيل. وهو من آل ذي رعين، وقيل: من ذى الكلاع. أدرك الجاهلية، ولم يره - صلى الله عليه وسلم - وأسلم في زمن عمر، وكان من أهل الكتاب. قال الحافظ: ثقة، من كبار التابعين، مخضرم، كان من أهل اليمن فسكن الشام، ومات في حمص، في خلافة عثمان سنة (٣٢) ، وقد بلغ مائة وأربع سنين. وخص عمر كعباً بذلك السؤال؛ لأنه كان ممن علم التوراة وغيرها، وأحاط بالعلم الأول. (من أرباب العلم) أي من هم أصحابه عندكم أو في كتابكم؟ قال الطيبي: أي من ملك العلم ورسخ فيه، واستحق أن يسمى بهذا الاسم. (الذين يعملون بما يعلمون) قال الطيبى: وهم الذين سماهم الله الحكماء في قوله: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} [٢٦٩:٢] ؛ لأن الحكيم من علم دقائق الأشياء وأتقنها برصانة العلم، فعلم منه أن العالم ما لم يعمل لم يكن من أرباب العلم، بل كان كمثل الحمار يحمل أسفاراً. (فما أخرج العلم) أي نوره وهيبته وبركته، (من قلوب العلماء) أي العاملين، لما تقدم أن غير العاملين ليسوا بعلماء. (قال: الطمع) أي في الدنيا؛ لأنه يؤدي إلى الرياء والسمعة، والعلم والعمل بدون الإخلاص لا يوصلان السالك إلى مقام الاختصاص، فمفهومه أن الورع يدخل العلم في قلوب العلماء. وقال الطيبي: الفاء أي في قوله: فما أخرج، جزاء شرط محذوف، والتعريف في العلم للعهد الخارجي، وهو ما يعلم من قوله: "أرباب العلم" أي إذا كان أرباب العلم من جمع بين العلم والعمل، فلم ترك العالم العمل، وما الذي دعاه إلى ترك العمل لينعزل عن هذا الاسم؟ قال: الطمع في الدنيا والرغبة فيها. (رواه الدارمي) أي موقوفاً من قول كعب، وهو معضل أيضاً فإن سفيان الثوري بينه وبين عمر مفاوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>