فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه:{قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} متفق عليه.
٢٧٥- (٧٨) وعن ابن سيرين قال: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" رواه مسلم.
٢٧٦- (٧٩) وعن حذيفة، قال: يا معشر القراء
ــ
حجر:"أعلم" بمعنى عالم لاستحالة المشاركة، قال القاري: المشاركة الاستقلالية هي المستحيلة. (فإن من العلم) أي من آدابه الواجب رعابتها على من نسب للعلم، أوالتقدير "فإن من جملة العلم"، وهو خبر إن واسمه قوله:"أن تقول" الخ قاله القاري، والثاني هو الظاهر، والمعنى أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم، وهذا مناسب لما اشتهر من أن "لا أدرى" نصف العلم، ولأن القول فيما لا يعمل قسم من التكلف. (أن تقول لما لا تعلم) أي لأجله أو عنه (قال الله تعالى لنبيه) وهو أعلم الخلق {قل ما أسألكم عليه} أي على التبليغ {من أجر} أي آخذه منكم {وما أنا من المتكلفين} أي من الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الإستسقاء، وفي تفسير الروم والدخان، ومسلم في التوبة، وأخرحه أيضاً أحمد، والترمذي، والنسائي في التفسير.
٢٧٥- قوله:(وعن ابن سيرين) هو محمد بن سيرين، يكنى أبابكر، مولى أنس بن مالك، من أكابر التابعين، قال المصنف: كان فقيهاً عالماً، زاهداً، عابداً، ورعاً، محدثاً، من مشاهير التابعين وجلتهم، وقال الحافظ: إنه ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى. مات سنة (١١٠) وهو ابن سبع وسبعين سنة. قال القاري: وهو غير منصرف للعلمية والمزيدتين على مذهب أبى علي في اعتبار مجرد الزائدتين. (إن هذا العلم دين) اللام للعهد، يعني أن علم الإسناد من الدين، وقيل: المراد به، علم الكتاب والسنة، وهما أصول الدين، ويؤيد المعنى الأول ما رواه مسلم في مقدمة صحيحه عقب ذلك عن ابن سيرين أيضاً، قال: لم يكن يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم. (فانظروا) أي فاعلموا وتحققوا (عمن تأخذون دينكم) تنبيه وحث على رعاية الوثوق والديانة، والحفظ، والورع، والسنة، حتى لا يؤخذ من كل من يروي، و"عن" متعلق بتأخذون على تضمين معنى تروون. (رواه مسلم) في مقدمه صحيحه موقوفاً من قول ابن سيرين، وكذا الدارمي، وأخرجه الحاكم في تاريخه، وابن عدى في الكامل مرفوعاً عن أنس، وكذا أخرجه مرفوعاً أبونصر السجزي في الإبانة، والديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة، لكن المرفوع ضعيف، والصحيح أنه قول ابن سيرين.
٢٧٦- قوله:(يامعشر القراء) أي الذين يحفظون القرآن قاله الطيبي: وقال الحافظ: المراد بهم العلماء بالقرآن،