ورواه أيضًا ابن ماجة من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أتت فاطمة النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله خادمًا فقال لها: ما عندي أعطيك. فرجعت فأتاها بعد ذلك. فقال: الذي سألت أحب إليك أو ما هو خير منه فقال لها علي: قولي لا بل ما هو خير منه. فقالت. فقال: قولي اللهم رب السموات إلخ وهذه الرواية عند مسلم، والترمذي أيضًا لكن لم يسق مسلم لفظها (اللهم رب السموات) ، زاد في رواية لمسلم، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد لفظه ((السبع)) (ورب الأرض) ، وللترمذي ((ورب الأرضين)) ، أي خالقهما ومربي أهلهما وزاد في رواية لمسلم، وابن ماجة، والترمذي، وابن السني ((ورب العرش العظيم)) يجر العظيم صفة للعرش والنصب نعتًا للرب (ورب كل شيء) تعميم بعد تخصيص، وفي مسلم، والترمذي ((ربنا ورب كل شيء (فالق الحب) الفلق الشق (والنوى) جمع النواة وهي عجم التمر وفي معناه عجم غيره والتخصيص لفضلها أو لكثرة وجودها في ديار العرب، أي يامن يشق حب الطعام ونوى التمر ونحوهما بإخراج الزرع والنخيل منهما (منزل التوراة) من الإنزال وقيل: من التنزيل (والإنجيل والقرآن) زاد في رواية الأعمش عند ابن ماجة، ((العظيم)) ولمسلم، وابن السني الفرقان بدل القرآن لأنه فرق بين الحق والباطل ولعل ترك الزبور لأنه مندرج في التوراة أو لأنه ليس فيه أحكام إنما هو مواعظ. قال الطيبي: فإن قلت: ما وجه النظم بين هذه القرائن؟ قلت: وجهه أنه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر أنه تعالى رب السموات والأرض، أي مالكهما ومدبر أهلهما عقبه بقوله {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} لينتظم معنى الخالقية والمالكية لأن قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ} تفسير لفالق الحب والنوى، ومعناه يخرج الحيوان النامي من النطفة والحب من النوى {وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ} ، أي يخرج هذه الأشياء من الحيوان والنامي، ثم عقب ذلك بقوله ((منزل التوراة)) ليؤذن بأنه لم يكن إخراج الأشياء من كتم العدم إلى فضاء الوجود إلا ليعلم ويعبد ولا يحصل ذلك إلا بكتاب ينزله ورسول يبعثه. كأنه قيل يا مالك، يا مدبر، يا هادي أعوذ بك - انتهى كلام الطيبي (أعوذ) ، أي أعتصم وألوذ، ووقع في بعض النسخ ((وأعوذ)) بواو العطف وهو خطأ من الناسخ (من شر كل ذي شر) كذا لأحمد وأبي داود، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، وفي رواية مسلم والترمذي، وابن السني ((من شر كل شيء)) (أنت آخذ بناصيته) ، أي من شر كل شيء من المخلوقات لأنها كلها في سلطانه وهو آخذ بنواصيها، وفي رواية لمسلم، وابن ماجة ((من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها)) ، أي أعوذ بك من شر كل دابة مؤذية (أنت الأول) ، وفي مسلم ((اللهم أنت الأول)) ، أي القديم الذي لا ابتداء له (فليس قبلك شيء) قيل هذا تقرير للمعنى السابق وذلك أن قوله ((أنت الأول)) مفيد للحصر قرينة الخير باللام فكأنه قيل: أنت مختص بالأولية فليس قبلك شيء (وأنت الآخر) ، أي الباقي بعد فناء خلقك لا انتهاء