للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقِيلَ لَهُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ وَبِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ.

ــ

شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (١١٣: ٤) كما هو مشهور في سحر اليهود له عليه الصلاة والسلام وبهذا يتبين قول البغوي. والصحيح أن السحر عبارة عن التمويه والتخييل، والسحر وجوده حقيقة عند أهل السنة وعليه أكثر الأمم، حكي عن الشافعي أنه قال إن السحر يخبل ويمرض وقد يقتل حتى أوجب القصاص على من قتل به، وقيل إنه يؤثر في قلب الأعيان فيجعل الآدمي على صورة حمار ويجعل الحمار على صورة الكلب والأصح أنه تخييل. قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (٢٠: ٦٦) لكنه يؤثر في الأبدان بالأمراض والموت والجنون - انتهى. ومما يدل على بطلان قلب الحقائق بعد إجماع أهل السنة والمعتزلة على خلافه أنه لم يقع مثل هذا أبدًا في الكون. ويدل على بطلانه النقل والعقل، ومما يذكر من بعض الحكايات لإثبات ذلك فهي مجرد حكاية فاسدة مما يستمرها الناس ويحكونها في بيوت القهوة وتجوز في عقول النساء وبعض الرجال ممن سخف عقله وسخف قلبه. انتهى كلام القاري بحذف واختصار يسير وارجع لمزيد الكلام في ذلك إلى تفسير سورة الفلق لابن القيم (فقيل له) ، أي لكعب (ما هن؟) ، أي تلك الكلمات (أعوذ بوجه الله) قال الباجي: قال القاضي أبو بكر: هو صفة من صفات الباري أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يتعوذ بها. وقال أبو الحسن المحاربي معناه: أعوذ بالله - انتهى. وقال الحافظ تحت ترجمة البخاري في صحيحه باب قول الله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} (٢٨: ٨٨) قال ابن بطال: فيه دلالة على أن الله تعالى وجهًا من صفة ذاته وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين كما نقول: أنه عالم ولا نقول إنه كالعلماء إلى آخر ما بسطه (العظيم الذي ليس شيء أعظم منه) ، أي ولا مساويًا لعظمته ولا قريبًا منها بل ولا عظمة لغيره لأن الكل عبيده ثم يحتمل أن يكون الموصول صفة للمضاف أو المضاف إليه والمؤدى واحد قاله القاري: (وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن) ، أي لا يتعداهن (بر) بفتح الموحدة وتشديد الراء، أي تقي (ولا فاجر) ، أي مائل عن الحق وإعادة لا لزيادة التأكيد، أي لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها. قال الطيبي: قوله ((لا يجاوزهن)) إلخ يشعر بأن المراد بالكلمات علم الله الذي ينفد البحر قبل نفاده وأراد بقوله ((بر ولا فاجر)) الاستيعاب كما في قوله تعالى: {لَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (٦: ٥٩) فإن تكرير حرف التأكيد للاستيعاب أو المراد بالكلمات القرآن لأن أحدًا من البر والفاجر لا يخرج عن وعده ووعيده بالثواب والعقاب (وبأسماء الله الحسنى) مؤنث الأحسن، وفي الموطأ بعده ((كلها)) قال الباجي: يشير إلى قوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (٧: ١٨٠) (مَا عَلِمْتُ منها) ، أي من الأسماء الحسنى (وما لم أعلم) ، أي منها {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} ، أي أنشأ وقدر (وذرأ) بالهمز، أي بث ونشر (وبرأ) ، أي أوجد الخلق مبرأ عن التفاوت فخلق كل عضو على

<<  <  ج: ص:  >  >>