تواتر الطبقة: كتواتر القرآن، فإنه تواتر على البسيطة شرقاً وغرباً، درساً وتلاوة، حفظاً وقراءة، وتلقاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة، ولا يحتاج إلى إسناد يكون عن فلان عن فلان، بل هو شيء ينقله أهل المشرق والمغرب عن أمثالهم جيلاً عن جيل، لا يختلف فيه مؤمن ولا كافر منصف غير معاند، وهذا القسم من المتواتر يعسر إيراد إسناد له على قواعد المحدثين فضلاً عن أسانيد. والقسم الثالث:
تواتر عمل وتواتر توارث: وهو أن يعمل به في كل قرن من عهد صاحب الشريعة إلى يومنا هذا جم غفير من العاملين، بحيث يستحيل عادة تواطؤهم على الكذب أو غلط، كالسواك في الوضوء مثلاً، فهو سنة، واعتقاد سنيته فرض؛ لأنه ثابت بالتواتر العملي. والقسم الرابع:
تواتر القدر المشترك: وهو ما تختلف فيه ألفاظ الرواة، بأن يروي قسم منهم واقعة وغيره واقعة أخرى، وهلم جرا، غير أن هذه الوقائع تكون مشتملة على قدر مشترك، فهذا القدر المشترك يسمى بالمتواتر المعنوي أو المتواتر من جهة المعنى، وهذا كتواتر المعجزة، فإن مفرداتها ولو كانت آحاداً لكن القدر المشترك متواتر قطعاً.
أخبار الآحاد
الآحاد جمع أحد بمعنى واحد.
وخبر الواحد: في اللغة: ما يرويه شخص واحد، وفي الاصطلاح: ما لم يصل حد التواتر، أو لم يتوفر فيه شروط المتواتر، وهو يفيد الظن. وقيل: العلم النظري، وقال ابن حزم - رحمه الله - في الإحكام: إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجب العلم والعمل به معاً.
ويطلق المحدثون أخبار الآحاد على ما عدا المتواتر، وهي تنقسم إلى مشهور، وعزيز، وغريب.
المشهور والمستفيض: المشهور لغة: ما اشتهر على الألسنة وإن كان كذباً، واصطلاحاً: ما رواه عدد محصور فوق الاثنين، وسمي بذلك لشهرته، ويقال له المستفيض أيضاً، وسمي بذلك لانتشاره، من فاض الماء يفيض فيضاً، وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق، فالمستفيض ما كان عدد الرواة في ابتداء السند وانتهائه سواء، والمشهور يشمل ما كان كذلك وما كان العدد فيه مختلفاً.
العزيز: لغة: النادر والقوي والشاق، واصطلاحاً: ما رواه اثنان ولو في طبقة، وسمي بذلك إما لندرته وقلة وجوده، أو لكونه عز أي قوي بمجيئه من طريق آخر، أو لمشقة الحصول عليه عند البحث عنه.
تنبيه
لا يشترط لكون الحديث صحيحاً أن يكون عزيزاً عند الجمهور، خلافاً لمن اشترط ذلك كأبي علي الجبائي والحاكم وابن العربي، وثمرة الخلاف تظهر في أن الغريب لا يكون صحيحاً عند أبي علي