فقام الأقرع بن حابس، فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: لو قلتها نعم لوجبت، ولو وجبت
لم تعملوا بها، ولم تستطيعوا
ــ
{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(٣: ٩٧)(فقام الأقرع بن حابس) بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي المجاشعي الدارمي وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف وهو من المؤلفة قلوبهم وقد حسن إسلامه. قال ابن إسحاق: قدم الأقرع بن حابس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عطارد بن حاجب بن زرارة، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهم من أشراف تميم بعد فتح مكة وقد كان الأقرع وعيينة بن حصن الفزاري شهدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة وحنينًا والطائف، فلما قدم وفد تميم كانا معه، فلما قدم وفد بني تميم المدينة ودخلوا المسجد نادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجرته: أن اخرج علينا يا محمد، فآذى ذلك من صياحهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إليهم فقالوا: يا محمد جئناك نفاخرك، ونزل فيهم القرآن:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}(٤٩: ٤) والأقرع بن حابس هو القائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن مدحي زين وإن ذمي شين)) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلكم الله سبحانه. قال بن دريد: اسم الأقرع فراس، ولقب الأقرع لقرع كان به في رأسه، والقرع انحصاص الشعر. وكان شريفًا في الجاهلية والإسلام، وشهد مع خالد بن الوليد حرب أهل العراق وكان على مقدمته. واستعمله عبد الله بن عامر على جيش سيره إلى خراسان فأصيب هو والجيش بالجوزجان وذلك في زمن عثمان (أفي كل عام؟) أي أكتب في كل عام قياسًا على الصوم، والزكاة فإن الأول: عبادة بدنية. والثاني: طاعة مالية والحج مركب منهما (لو قلتها) أي في جواب كلمة الأقرع (نعم) أي بالوحي أو الاجتهاد، قاله القاري. وقال ابن حجر: قوله: ((لو قلتها نعم)) إنه بدل من الضمير الراجع لما علم مما قبله وهو حجة كل عام. قلت: الحديث رواه أحمد ثمان مرات وليس في موضع منها: ((لو قلتها نعم)) فلفظه في الموضع الأول والثاني (ج١: ص٢٥٥، ٢٩٠، ٢٩١) : ((لو قلتها لوجبت)) أي بدون لفظة نعم. وهكذا ذكره البغوي في المصابيح، والمجد في المنتقى، وكذا وقع في رواية الدارمي، والبيهقي، وفي الموضع السابع (ج١: ص٣٧١) ، والثامن (ج١: ص٣٧٢) : ((لو قلت: نعم)) أي بدون ضمير المؤنث وهكذا في رواية النسائي والحاكم والدارقطني، وفي الموضع الثالث (ج١: ص٢٩٢) ، والخامس (ج١: ص٣٢٣) ، والسادس (ج١: ص٣٢٥) : ((لو قلت: كل عام لكان)) وفي الموضع الرابع (ج١: ص٣٠١) : ((لو قلت: نعم كل عام لكان كل عام)) فالظاهر أن ما وقع في نسخ المشكاة ((لو قلتها نعم)) أي بالجمع بين ضمير المؤنث وقوله نعم خطأ من الناسخ، والعلم عند الله تعالى (لوجبت) أي الحجة في كل عام (ولو وجبت) أي بالفرض والتقدير ابتداء أو بناء على الجواب (لم تعملوا بها) أي لكمال المشقة فيها (ولم تستطيعوا) قال القاري: أي ولم تطيقوا لها ولم تقدروا عليها فهو إما عطف تفسير والخطاب إجمالي للأمة أو