٢٥٤٦- (١٨) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا صرورة في الإِسلام.
ــ
من كان له جدة ولم يحتج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين. لفظ سعيد، ولفظ البيهقي: أن عمر قال: ((ليمت يهوديًا أو نصرانيًا لها ثلاث مرات، رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله)) قال الحافظ: وإذا انضم هذا الموقف إلى مرسل بن سابط علم أن لهذا الحديث أصلاً ومحله على من استحل الترك وتبين بذلك خطأ من ادعى (يريد به ابن الجوزي فإنه ذكره في الموضوعات) أنه موضوع - انتهى. وقال البيهقي بعد رواية حديث أبي أمامة: وهذا وإن كان إسناده غير قوي فله شاهد من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال الشوكاني في النيل بعد أن ساق طرق هذه الأحاديث: وهذه الطرق يقوي بعضها بعضًا وبذلك تتبين مجازفة ابن الجوزي في عده لهذه الأحاديث من الموضوعات فإن مجموع تلك الطرق لا يقصر عن كون الحديث حسنًا لغيره وهو محتج به عند الجمهور ولا يقدح في ذلك قول العقيلي والدارقطني ((لا يصح في الباب شيء)) لأن نفي الصحة لا يستلزم نفي الحسن - انتهى. وقد استدل بهذه الأحاديث على وجوب الحج على الفور لأنها تصرح أنه لا يمنعه من الإثم إلا مانع يمنعه من المبادرة إلى الحج كالمرض أو الحاجة الظاهرة أو السلطان الجائز فلو كان تراخيه لغير العذر المذكور لكان قد مات وهو آثم بالتأخير فدل على أن الوجوب الحج على الفور وأنه لا يجوز التأخير فيه إلا لعذر.
٢٥٤٦- قوله (لا صرورة في الإسلام) الصرورة بفتح الصاد وضم الراء المهملتين وإسكان الواو وفتح الراء على وزن الضرورة من الصر بفتح الضاد وهو الحبس والمنع. قال اللحياني: رجل صرورة لا يقال إلا بالهاء. وقال ابن الجني: رجل صرورة، امرأة صرورة ليست الهاء لتأنيث الموصوف بما هي فيه وإنما لحقت لإعلام السامع أن هذا الموصوف بما هي فيه قد بلغ الغاية والنهاية، فجعل تأنيث الصفة أمارة لما أريد من تأنيث الغاية والمبالغة - انتهى. قال في المصباح المنير: الصرورة بالفتح الذي لم يحج، وهذه الكلمة من النوادر التي وصف بها المذكر والمؤنث مثل ملوكة وفروقة، ويقال أيضًا: صروري على النسبة وصارورة ورجل صرورة لم يأت النساء. سمي الأول بذلك لصره على نفقته لأنه لم يخرجها في الحج، وسمي الثاني بذلك لصره على ماء ظهره وإمساكه - انتهى. قلت: قد فسر الصرورة في الحديث بثلاثة معان، الأول: أنه الذي لم يحج قط وهو نفي معناه النهي. أي لا يترك الحج في الإسلام من استطاعه، فمن ترك الحج مع الاستطاعة فقد منع عن نفسه الخير. وقال القاري: أي من لم يحج بعد أن يكون عليه لا يكون في الإسلام. قال الطيبي: فدل ظاهره على أن من يستطيع الحج ولم يحج ليس بمسلم كامل. وقال القاضي: ظاهر الكلام يدل على أن تارك الحج ليس بمسلم، والمراد منه أنه لا ينبغي أن يكون في الإسلام أحد يستطيع الحج ولا يحج فعبر عنه بهذه العبارة للتشديد والتغليظ - انتهى. وقيل: معناه لا يطلق على من لم يحج صرورة في الإسلام، كان يطلق عليه في الجاهلية