طرق الترجيح بين مختلف الحديث كثيرة جداً، قد عد الحازمي في كتابه "الناسخ والمنسوخ" خمسين وجهاً، وأوصلها غيره إلى أكثر من مائة كما استوفى ذلك العراقي في نكته، وقال القاسمي في قواعد التحديث: الترجيح قد يكون باعتبار الإسناد، وباعتبار المتن، وباعتبار المدلول، وباعتبار أمر خارج، فهذه أربعة أنواع، ثم ذكر وجوه الترجيح باعتبار الإسناد، وعد ثمانية عشر وجهاً، منها:(١) الترجيح بكثرة الرواة، فيرجح ما رواته أكثر لقوة الظن به، وإليه ذهب الجمهور. (٢) ترجيح رواية الكبير على الصغير؛ لأنه أقرب إلى الضبط إلا أن يعلم أن الصغير مثله في الضبط أو أكثر ضبطاً منه. (٣) ترجيح رواية الأوثق. (٤) ترجيح رواية الأحفظ. (٥) أن يكون أحدهما من الخلفاء الأربعة دون الآخر. (٦) أن يكون أحدهما صاحب الواقعة؛ لأنه أعرف بالقصة. (٧) ترجيح رواية من دام حفظه وعقله ولم يختلط على من اختلط في آخر عمره ولم يعرف هل روى الخبر حال سلامته أو حال اختلاطه. (٨) تقديم الأحاديث التي في الصحيحين على الأحاديث الخارجة عنهما.
ثم ذكر وجوه الترجيح باعتبار المتن، وعد سبعة طرق، منها:(١) يقدم الخاص على العام. (٢) يقدم ما كان حقيقة شرعية أو عرفية على ما كان حقيقة لغوية. (٣) يقدم المقيد على المطلق.
ثم ذكر للترجيح باعتبار المدلول أربعة أوجه، منها:(١) يقدم ما كان مقرراً لحكم الأصل والبراءة على ما كان ناقلاً. (٢) أن يكون أحدهما أقرب إلى الاحتياط فإنه أرجح. (٣) يقدم المثبت على المنفي؛ لأن مع المثبت زيادة علم.
ثم بين وجوه الترجيح باعتبار أمور خارجة، وعد سبعة وجوه، منها:(١) أن يكون أحدهما قولاً والآخر فعلاً، فيقدم القول؛ لأن له صيغة والفعل لا صيغة له. (٢) أن يكون أحدهما موافقاً لعمل الخلفاء الأربعة دون الآخر؛ فإنه يقدم الموافق (٤) أن يكون أحدهما أشبه بظاهر القرآن دون الآخر، فإنه يقدم.
ثم قال: وللأصوليين مرجحات أخر في الأقسام الأربعة منظور فيها، ولا اعتداد عندي بمن نظّر فيما سقناه؛ لأن القلب السليم لا يرى فيه مغمزاً.
الخبر المردود وأسباب رده
الخبر المردود: هو الذي لم يترجح صدق المخبر به، وله أنواع كثيرة، وهي ترجع في الجملة إلى سببين:(١) السقوط في السند. (٢) الطعن في بعض رواته.
السقوط في السند: هو عدم اتصاله.
والطعن في الراوي: أن يكون مجروحاً بأمر يرجع إلى ديانته أو ضبطه.