- ٢٩ -
ويعرف الوضع بإقرار الواضح نفسه باختلاقه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو بحال المروي، كأن يكون مناقضاً للقرآن أو السنة المتواترة، أو يكون مخالفاً للحس والمشاهدة غير قابل للتأويل، أو يكون المروي خبراً عن أمر عظيم تتوافر الدواعي على نقله ثم لا ينقله إلا راوٍ واحد، أو يتضمن المروي وعيداً شديداً على أمر صغير، أو وعداً عظيماً على أمر حقير.
والأمور الداعية إلى الوضع كثيرة، منها:
١- قصد التقرب إلى الله تعالى بوضع ما يرغب الناس في طاعته ويرهبهم عن معصيته، كما فعل المتصوفة.
٢- التزلف إلى ولاة الأمر والحكام بوضع ما يوافق أهواءهم.
٣- قصد إفساد الدين على أهله كما فعل الزنادقة.
٤- غلبة الجهل كبعض المتعبدين.
٥- فرط العصبية وانتصار للرأي كبعض المقلدين.
٦- الإغراب لقصد الاشتهار.
٧- التكسب والارتزاق بما يضع من الأحاديث كما هو شأن القصاصين.
ورواية الموضوع حرام بالاتفاق إلا مقروناً ببيانه على سبيل القدح؛ ليحذره من يغتر به من الجهلة والعوام.
الوجه الثاني: التهمة بالكذب، وذلك أن يعرف الراوي بالكذب في كلامه مع الناس، أو أن ينفرد بما يخالف القواعد المعلومة من الدين بالضرورة، ويسمى رواية المتهم بالكذب متروكاً.
فالحديث المتروك: هو الحديث الذي رد بسبب تهمة راويه بالكذب، كرواية من يكون معروفاً بالكذب في كلامه، وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي.
الوجه الثالث، والرابع، والخامس: فحش الغلط، وكثرة الغفلة، والفسق بما لم يبلغ حد الكفر، ويقال للحديث الذي في سنده راوٍ فاحش الغلط، أو كثير الغفلة، أو الفاسق: المنكر.
فالحديث المنكر: هو الحديث الذي رواه راوٍ فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر منه الفسق بما لم يبلغ حد الكفر، ويسمى هذا القسم من الحديث منكراً على رأي من لم يشترط في المنكر مخالفة الضعيف للثقة، أي لم يقصر المنكر على ما خالف الضعيف الثقة، وينبغي أن يعلم أن المراد بالفسق: الفسق في العمل دون الاعتقاد، فإن ذلك داخل في البدعة، وأكثر ما يستعمل البدعة في الاعتقاد، والكذب وإن كان داخلاً في الفسق لكنهم عدوه أصلاً على حدة لكون الفسق به أشد وأغلظ.
الوجه السادس: الوهم، وهو أن يروى الحديث على سبيل التوهم، ويسمى حديث من عرف بالوهم المعل