للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٧٨- (١٥) وعن ابن عباس قال: كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((ويلكم قد قد)) . إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت. رواه مسلم.

ــ

٢٥٧٨- قوله: (ويلكم قد قد) قال القاضي: روى بإسكان الدال وكسرها مع التنوين فيهما، ومعناه كفاكم هذا الكلام فاقتصروا عليه ولا تزيدوا، فلا تقولوا ما بعده من الاستثناء، وفيه: بيان أن من رأى منكرًا ولم يقدر على تغييره باليد فإنه يغيره بالقول لأن قد قد إنكار (إلا شريكًا) كذا في جميع النسخ من المشكاة. وهو متعلق بمقول المشركين، وقوله: ((فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قد)) جملة معترضة للتنبيه على أن رسل الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم ذلك بين الاستثناء وما قبله قبل أن يتكلموا الاستثناء. وفي صحيح مسلم: ((فيقولون إلا شريكًا)) وهكذا في جامع الأصول (ج٣: ص٤٤٤) (هو لك تملكه وما ملك) ما نافية، وقيل: موصولة عطف على مفعول تملكه، والمعنى على الأول: أنت تملكه وهو لا يملك وعلى الثاني: أنت تملك إياه وما في ملكه، قال الطيبي كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. فإذا انتهى كلامهم إلى ((لا شريك لك)) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قد. أي اقتصروا عليه ولا تتجاوزوا عنه إلى ما بعده، وقوله: ((إلا شريكًا)) الظاهر فيه الرفع على البداية من المحل كما في كلمة التوحيد، فاختير في الكلمة السفلى اللغة السافلة كما اختير في الكلمة العليا العالية، (يقولون) أي المشركون، وهو مقول ابن عباس (هذا) أي هذا القول وهو قولهم إلا شريكًا مع ما قبله وما بعده. (رواه مسلم) الحديث من أفراد مسلم، لم يخرجه البخاري ولا أحد من أصحاب السنن، نعم أخرجه البيهقي (ج٥: ص٤٥) وزاد في آخره: فيقولون: ((غفرانك غفرانك)) قال: فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٨: ٣٣) فقال ابن عباس: كان فيهم أمانان، نبي الله - صلى الله عليه وسلم - والاستغفار، قال فذهب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وبقي الاستغفار {وَمَا لَهُمْ أَلَاّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلَاّ الْمُتَّقُونَ} (٨: ٣٤) قال: فهذا عذاب الآخرة، وذلك عذاب الدنيا. قال البيهقي بعد روايته: أخرجه مسلم في الصحيح من حديث النضر بن محمد عن عكرمة بن عمار مختصرًا دون قولهم: غفرانك إلى آخره - انتهى. وفى الباب عن أنس بن مالك، قال: كان الناس بعد إسماعيل على الإسلام فكان الشيطان يحدث الناس بالشيء يريد أن يردهم عن الإسلام حتى أدخل عليهم في التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. قال فما زال حتى أخرجهم عن الإسلام إلى الشرك، أخرجه البزار. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٣: ص٢٢٣) : رجاله رجال الصحيح.

بعون الله وحسن توفيقه تم الجزء الثامن من مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح،

ويليه الجزء التاسع إن شاء الله تعالى. وأوله ((باب قصة حجة الوداع)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>