للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكث بالمدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاج،

ــ

وخمسين نوعًا ولو تقصى لزيد على هذا القدر قريب منه – انتهى. ونوه به الحافظ الذهبي في ترجمته جابر، فقال: وله منسك صغير في الحج، أخرجه مسلم، وعقد له الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية فصلاً خاصًا قال فيه: وهو وحده منسك مستقل. ثم ساقه (ج ٥: ص ١٤٦ – ١٤٩) وقال الأبي: حديث جابر هذا عظيم القدر، اشتمل على قواعد كثيرة من الدين بينها - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه من الدنيا وانتقاله إلى ما أعد الله سبحانه له من الكرامة، ولم يبق - صلى الله عليه وسلم - بعد حجته هذه إلا قليلاً بعد أن أشرقت الأرض بنوره وعلت كلمة الإيمان (مكث) بضم الكاف وفتحها أي لبث (بالمدينة) كذا في جميع النسخ مطابقًا للمصابيح وليس هو عند مسلم بل هو للنسائي والشافعي وابن الجارود وأحمد فهو من الزيادات على رواية مسلم (تسع سنين لم يحج) بعد الهجرة أي لكنه اعتمر. قال الألباني: اتفق العلماء على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع هذه، وعلى أنها كانت سنة عشر، واختلفوا في وقت ابتداء فرضه على أقوال، أقربها إلى الصواب أنه سنة تسع أو عشر، وهو قول غير واحد من السلف، واستدل له ابن القيم في ((زاد المعاد)) بأدلة قوية فليراجعها من شاء، وعلى هذا فقد بادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحج فورًا من غير تأخير، بخلاف الأقوال الأخرى فيلزم منها أنه تأخر بأداء الفريضة، ولذا اضطر القائلون بها إلى الاعتذار عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا حاجة بنا نحن إلى ذلك – انتهى. وقد سبق الكلام في ذلك مفصلاً (ثم أُذِن) بضم الهمزة وكسر الذال المشددة مبني للمجهول، أي نادى مناد بإذنه، ويجوز بناؤه للمعلوم أي أمر بأن ينادي بيتهم، وقال السندي: قوله ((ثم أذن)) من التأذين والإيذان أي نادى وأعلم، والمراد أمر بالنداء فنادى المنادي، ويحتمل على بعد أن يقرأ على بناء المفعول – انتهى. وعلى كلا الاحتمالين فالمراد إعلام الناس بحجه - صلى الله عليه وسلم - وإشاعته بينهم ليتأهبوا للحج معه ويتعلموا المناسك والأحكام ويشاهدوا أفعاله وأقواله ويوصيهم ليبلغ الشاهد الغائب وتشيع دعوة الإسلام وتبلغ الرسالة القريب والبعيد، وفيه أنه يستحب للإمام إيذان الناس بالأمور المهمة ليتأهبوا لها لا سيما في هذه الفريضة الكثيرة الأحكام المفروضة ابتداء (في العاشرة) أي السنة العاشرة من الهجرة (أن) أي بأن (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاج) أي خارج

<<  <  ج: ص:  >  >>