كيف أصنع؟ قال:" اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ". فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد،
ــ
يأمرها أن تغتسل (كيف أصنع؟) أي في باب الإحرام. وقال الباجي في شرح رواية الموطأ: يحتمل أن أبا بكر سأل أن النفاس الذي يمنع صحة الصلاة والصوم يمنع صحة الحج فبين - صلى الله عليه وسلم - أنه لا ينافي الحج؛ ويحتمل أنه سأل عن اغتسالها للإحرام إن علم أن إحرامها بالحج يصح فخاف أن النفاس يمنع الاغتسال الذي يوجب حكم الطهر (قال: اغتسلي) فيه غسل النفساء للإحرام وإن لم تطهر، وفي حكمها الحائض فهو للنظافة لا للطهارة. قال القاري: ولذا لا ينوبه التيمم ويظهر من كلام الخطابي أن العلة عنده التشبه بالطاهرات حيث قال في معالم السنن: في الحديث استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال والإقتداء بأفعالهم طمعًا في درك مراتبهم ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة، ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث وإنما هو لفضيلة المكان والوقت. قال الولي العراقي: هذا يدل على أن العلة عنده في اغتسالهما التشبه بأهل الكمال وهن الطاهرات. والظاهر أنه إنما هو لشمول المعنى الذي شرع الغسل لأجله وهو التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم، وبذلك علَّلَه الرافعي ولا يرد عليه التيمم عند العجز، لأن التنظيف هو أصل مشروعيته للإحرام فلا ينافيه قيام التراب مقامه، لأنه يقوم مقام الغسل الواجب فأولى المسنون وبعد استمرار الحكم قد لا توجد علته في بعض المحال – انتهى. قلت: وهذا عند من قال بمشروعية التيمم وإجزائه عند العجز. وأما الذي لم يقل به فلا إيراد عليه. وقد تقدم الكلام في ذلك في شرح حديث زيد بن ثابت في الفصل الثاني من باب الإحرام والتلبية. قال الخطابي: وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - الحائض والنفساء بالاغتسال دليل على أن الطاهر أولى بذلك. وقال الزرقاني: وفيه الاغتسال للإحرام مطلقًا لأن النفساء إذا أمرت به مع أنها غير قابلة للطهارة كالحائض فغيرهما أولى (واستثفري) بالثاء المثلثة بعد الفوقية أمر من الاستثفار وهو أن تحتشي المرأة قطنًا وتشد في وسطها شيئًا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، والمقصود أن تجعل هناك ما يمنع من سيلان الدم تنزيهًا أن تظهر النجاسة عليها، إذ لا تقدر على أكثر من ذلك. قال النووي: فيه أمر الحائض والنفساء والمستحاضة بالاستثفار وهو أن تشد في وسطها شيئًا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثفَر الدابة بفتح الفاء (وأحرمي) أي بالنية والتلبية، قاله القاري. وفيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض، وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث وزادتا عليه بسيلان الدم وهو مجمع عليه (فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي ركعتين للظهر، وقيل سنة الإحرام (في المسجد) أي في مسجد ذي الحليفة. قال ابن العجمي في منسكه: ينبغي إن كان الميقات مسجد أن يصلي ركعتي الإحرام فيه ولو صلاهما في غير المسجد فلا بأس، ولو أحرم بغير صلاة جاز، ولا يصلي في الأوقات المكروهة، وتجزئ المكتوبة عنهما كتحية المسجد. وقيل: