للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ {إن الصفا والمروة من شعائر الله} أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: " لا إله إلا الله

ــ

في الركعة الأولى بعد الفاتحة ((قل يا أيها الكافرون)) وفي الثانية بعد الفاتحة ((قل هو الله أحد)) وقد ذكر البيهقي (ج ٥: ص ٩١) بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت فرمل من الحجر الأسود ثلاثًا ثم صلى ركعتين قرأ فيهما ((قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد)) كذا في المرقاة. قلت: وفي رواية للنسائي ((فصلى ركعتين)) فقرأ فاتحة الكتاب، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد)) ، وفي رواية للترمذي ((قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص: ((قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد)) وفي الحديث دليل لما أجمع عليه العلماء أنه ينبغي لكل طائف إذا فرغ من طوافه أن يصلي خلف المقام ركعتي الطواف، واختلفوا هل هما واجبتان أم سنتان؟ وسيأتي ذكر الخلاف في باب الطواف إن شاء الله (ثم رجع إلى الركن فاستلمه) قال النووي: فيه دلالة لما قاله الشافعي وغيره من العلماء أنه يستحب للطائف طواف القدوم إذا فرغ من الطواف وصلاته خلف المقام أن يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا ليسعى، واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب وإنما هو سنة لو تركه لم يلزمه دم – انتهى. وعند الحنفية العود إلى الحجر إنما يستحب لمن أراد السعي بعده وإلا فلا، كما في البحر وغيره (ثم خرج من الباب) أي باب الصفا (إلى الصفا) أي إلى جانبه،قال في الهداية: إن خروجه عليه الصلاة والسلام من باب الصفا لأنه كان أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة. والصفا والمروة علمًا جبلين بمكة ومن مشاعرها (فلما دنا) أي قرب (قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله) أي من أعلام مناسكه. قال القاري: جمع شعيرة وهي العلامة التي جعلت للطاعات المأمور بها في الحج عندها كالوقوف والرمي والطواف والسعي (أَبْدَأُ) بصيغة المتكلم أي وقال: أبدأ (بما بدأ الله به) يعني ابتدأ بالصفا لأن الله بدأ بذكره في كلامه، فالترتيب الذكري له اعتبار في الأمر الشرعي إما وجوبًا أو استحبابًا وإن كانت الواو لمطلق الجمع في الآية. قال السندي: هذا يفيد أن بداءة الله تعالى ذكرًا تقتضي البداءة عملاً، والظاهر أنه يقتضي ندب البداءة عملاً لا وجوبًا، والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر (فبدأ) أي في سعيه (فرقِي) بكسر القاف أي صعد (عليه) أي على جبل الصفا (حتى رأى البيت) أي إلى أن رآه (فاستقبل القبلة) وضع الظاهر موضع الضمير تنصيصًا على أن البيت قبلة وتنبيهًا على أن المقصود بالذات هو التوجه إلى القبلة لا خصوص رؤية البيت، قاله القاري. وقال في اللمعات: وكان إذ ذاك يرى من الصفا، والآن حجبها بناء الحرم (وقال لا إله إلا الله) قال الطيبي: إنه قول آخر غير التوحيد والتكبير، ويحتمل أن يكون كالتفسير له والبيان، والتكبير وإن لم يكن ملفوظًا به لكن معناه مستفاد من هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>