حتى انصبت قدماه في بطن الوادي، ثم سعى حتى إذا صعدنا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طواف على المروة، نادى وهو على المروة والناس تحته،
ــ
وهكذا في المصابيح، وفي مسلم ((ثم نزل إلى المروة)) وفي رواية النسائي ((ثم نزل ماشيًا)) أي إلى المروة (حتى انصبَّت) بتشديد الباء (قدماه) أي انحدرتا بالسهولة، ومنه ((إذا مشى كأنه ينحط في صبب)) أي موضع منحدر، وهو مجاز من قولهم ((صببت الماء فانصب)) أي سكبته فانسكب (في بطن الوادي) أي المسعى، وفي رواية للنسائي ((في بطن المسيل)) يعني انحدرتا بالسهولة حتى وصلتا إلى بطن الوادي، والمراد به المنخفض من (ثم سعى) وفي رواية لأحمد ((رمل)) يعني أسرع في المشي مع تقارب الخطى في بطن الوادي (حتى إذا صعِدتا) بكسر العين، أي ارتفعت قدماه عن بطن الوادي وخرجتا منه إلى طرفه الأعلى. قال الطيبي: معناه ارتفعتا عن بطن الوادي إلى المكان العالي لأنه في مقابلة ((انصبت قدماه)) أي دخلتا في الحدور (مشى) أي سار على السكون، يعني إذا بلغ المرتفع من الوادي مشى باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه. قال النووي: فيه استحباب السعي الشديد في بطن الوادي حتى يصعد ثم يمشي باقي المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع، والمشي مستحب فيما قبل الوادي وبعده، ولو مشى في الجميع أو سعى في الجميع أجزأه وفاتته الفضيلة، هذا مذهب الشافعي وموافقيه. وعن مالك فيمن ترك السعي الشديد في موضعه روايتان: إحداهما كما ذكر، والثانية تجب عليه إعادته – انتهى. وقال في اللباب: ويستحب أن يكون السعي بين الميلين فوق الرمل دون العدو، وهو في كل شوط، أي بخلاف الرمل في الطواف فإنه مختص بالثلاثة الأول خلافًا لمن جعله مثله، فلو تركه أو هرول في جميع السعي، فقد أساء ولا شيء عليه، وإن عجز عنه صبر حتى يجد فرجة، وإلا تشبه بالساعي في حركته، وإن كان على دابة حركها من غير أن يؤذي أحدًا – انتهى. (حتى أتى المروة) زاد في رواية أحمد ((فرقى عليها حتى نظر إلى البيت)) (ففعل على المروة كما فعل) أي مثل ما فعله (على الصفا) من الرقي واستقبال القبلة والذكر والدعاء. قال النووي: فيه أنه يسن عليها من الذكر والدعاء والرقي مثل ما يسن على الصفا، وهذا متفق عليه (حتى إذا كان) تامة أي وجد (آخر طواف) أي سعى (على المروة) متعلق بكان. وفي رواية لأحمد وابن الجارود ((فلما كان السابع عند المروة)) قال النووي: قوله ((حتى إذا كان آخر طواف على المروة)) فيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن الذهاب من الصفا إلى المروة يحسب مرة، والرجوع إلى الصفا ثانية، والرجوع إلى المروة ثالثة وهكذا فيكون ابتداء السبع من الصفا وآخرها بالمروة. وقال ابن بنت الشافعي وأبو بكر الصيرفي من أصحابنا يحسب الذهاب إلى المروة والرجوع إلى الصفا مرةً واحدة فيقع آخر السبع في الصفا، وهذا الحديث الصحيح يرد عليهما. وكذلك عمل المسلمين على تعاقب الأزمان، والله أعلم – انتهى. (نادى وهو على المروة والناس تحته) كذا في جميع النسخ