للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: " دخلت العمرة في الحج. مرتين، لا بل لأبد أبد ".

ــ

الفسخ، وهو أن يفسخ نية الحج ويقطع أفعاله ويجعل إحرامه وأفعاله للعمرة، أو الواو للعطف التفسيري قاله القاري. وفي رواية عطاء عن جابر عند البخاري ومسلم ((فقال: أحلوا من إحرامكم)) (أي اجعلوا حجكم عمرة وتحللوا منها بالطواف والسعي) فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة وقصروا وأقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة. قال الحافظ: أي اجعلوا الحجة المفردة التي أهللتم بها عمرة تتحللوا منها فتصيروا متمتعين، فأطلق على العمرة متعة مجازًا، والعلاقة بينهما ظاهرة – انتهى. (فقام سراقة بن مالك بن جعشم) زاد في رواية أحمد وابن الجارود ((وهو في أسفل المروة)) وسُرَاقة بضم السين وتخفيف الراء وقاف، وهو الكنانيّ المدلجيّ، وقد ينسب إلى جده، يكنى أبا سفيان، وهو الذي ساخت فرسه في قصة الهجرة، وأسلم يوم الفتح. قال أبو عمرو: مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين، وقيل بعد عثمان. وجده جُعْشم بضم الجيم وسكون المهملة وضم المعجمة وفتحها لغة حكاها الجوهري (ألعامنا هذا أم لأبد؟) معناه هل جواز فسخ الحج إلى العمرة (كما هو الظاهر من سياق الحديث) أو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج أو مع الحج يختص بهذه السنة أم للأبد؟ أي من الحال والاستقبال، وفي رواية للنسائي وابن ماجه والبيهقي ((أرأيت عمرتنا)) وفي لفظ ((متعتنا)) ألعامنا هذا أم للأبد؟ (واحدة في الأخرى) أي جعل واحدة من الأصابع في الأخرى، فواحدة منصوب بعامل مضمر والحال مؤكدة (وقال دخلت العمرة في الحج) زاد في رواية ابن الجارود وأحمد ((إلى يوم القيامة)) (مرتين) أي قالها مرتين (لا) أي ليس لعامنا هذا فقط (بل لأبد أبد) بإضافة الأول إلى الثاني، والأبد الدهر، أي هذا لآخر الدهر، أو بغير الإضافة وكرره للتأكيد، وزاد في رواية ابن الجارود وأحمد ((ثلاث مرات)) يعني أن ذلك جائز في كل عام لا يختص بعام دون آخر إلى يوم القيامة، وكرر ذلك ثلاثًا للتأكيد ((وشبك بين أصابعه)) إشارة إلى اشتراك كل الأعوام في ذلك بدون اختصاص أحدها، وقد اختلف العلماء في سؤال سراقة، فقال بعضهم المراد منه الإتيان بالعمرة في أشهر الحج. وذهب فريق إلى أن المراد بذلك القران، يعني اقتران الحج بالعمرة، وقال آخرون: المراد منه فسخ الحج إلى العمرة، فعلى الأول يكون معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((دخلت العمرة في الحج)) أي حلت العمرة في أشهر الحج وصحت والمقصود إبطال ما زعمه أهل الجاهلية من أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج وعليه الجمهور. وعلى الثاني دخلت العمرة في الحج أي اقترنت به لا تنفك عنه لمن نواها معًا، وتندرج أفعال العمرة في أفعال الحج حتى يتحلل منهما معًا. قيل: ويدل عليه تشبيك الأصابع، وفيه أنه حينئذٍ لا مناسبة بين السؤال والجواب فتدبر، وعلى الثالث أي دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة، قال النووي: وهو ضعيف. وقال القاري بعد ذكره:

<<  <  ج: ص:  >  >>