للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا،

ثم طافوا طوافًا بعد أن رجعوا من منى،

ــ

الحل ثم يدخل مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم، ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها. قال الحافظ: وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته. واختلف السلف في جواز الاعتمار في السنة أكثر من مرة فكرهه مالك وخالفه مطرف وطائفة من أتباعه وهو قول الجمهور. واستثنى أبو حنيفة يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ووافقه أبو يوسف إلا في يوم عرفة، واستثنى الشافعي البائت بمنى لرمي أيام التشريق، وفيه وجه اختاره بعض الشافعية فقال بالجواز مطلقًا كقول الجمهور. والله أعلم. وقد تقدم شيء من الكلام في ذلك في شرح حديث أبي هريرة ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) . قال الحافظ: واختلفوا أيضًا هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة، وتقدم الكلام فيه أيضًا في شرح حديث ابن عباس في المواقيت. قال الحافظ: واستدل بحديث عبد الرحمن بن أبي بكر في إعمار عائشة من التنعيم على تعين الخروج إلى الحل لمن أراد العمرة ممن كان بمكة، وهو أحد قولي العلماء. والثاني: تصح العمرة ويجب عليه دم لترك الميقات. وليس في حديث الباب ما يدفع ذلك. واستدل به أيضًا على أن أفضل جهات الحل التنعيم. وتعقب بأن إحرام عائشة من التنعيم إنما وقع لكونه أقرب جهة الحل إلى الحرم لا لأنه الأفضل. وقال في باب ((أجر العمرة على قدر التعب)) بعد ذكر ما روى الدارقطني والحاكم من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها في عمرتها: ((إنما أجرك في عمرتك على قدر نفقتك)) . استدل به على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرًا من الاعتمار من جهة الحل البعيدة، وهو ظاهر هذا الحديث. وقال الشافعي في الإملاء: أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم منها، ثم التنعيم لأنه أذن لعائشة منها. قال: وإذا تنحى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إليّ. وحكى الموفق في المغني عن أحمد: أن المكي كلما تباعد في العمرة كان أعظم لأجره. وقال الحنفية: أفضل بقاع الحل للاعتمار التنعيم، ووافقهم بعض الشافعية والحنابلة. ووجهه ما قدمناه أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من مكة إلى الحل ليحرم بالعمرة غير عائشة، وأما اعتماره - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة فكان حين رجع من الطائف مجتازًا إلى المدينة. ولكن لا يلزم من ذلك تعين التنعيم للفضل لما دل عليه هذا الخبر أن الفضل في زيادة التعب والنفقة، وإنما يكون التنعيم أفضل من جهة أخرى تساويه إلى الحل من جهة أبعد منه – انتهى. (فطاف) أي طواف العمرة (الذين كانوا أهلوا بالعمرة) وحدها يعني الذين أفردوا العمرة عن الحج (بالبيت) متعلق بطاف أي عند دخولهم مكة (وبين الصفا والمروة) أي وسعوا بينهما. وقال القاري: الطواف يراد به الدور الذي يشمل السعي فصح العطف ولم يحتج إلى تقدير عامل وجعله نظير ((علفتها تبنًا وماء باردًا)) (ثم حلوا) أي خرجوا من العمرة بالحلق أو التقصير ثم أحرموا بالحج من مكة (ثم طافوا طوافًا) أي للحج يوم النحر، وهو طواف الإفاضة (بعد أن رجعوا من منى) أي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>